الباب الخامس والأربعون في ذم الدنيا وما يتصل بذلك
  قَالَ: وَكَانَ يَقُولُ: (مَنْ سَرَّهُ الْغِنَى بِلَا مَالٍ، وَالْعِزُّ بِلَا سُلْطَانٍ، وَالْكَثْرَةُ بِلَا عَشِيرَةٍ؛ فَلْيَخْرُجْ مِنْ ذُلِّ مَعْصِيَةِ اللهِ إِلَى عِزِّ طَاعَتِهِ)(١).
  وَكَانَ يَقُولُ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى النَّاسِ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ، وَمَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ أَغْنَى النَّاسِ فَلْيَكُنْ بِمَا فِي يَدِ اللهِ ø أَوْثَقَ مِنْهُ بِمَا فِي يَدِهِ)(٢).
  ٨١٨ - وبهذا الإسناد إلى السيد أبي طالب ¥، قال: أخبرنا أبي |، قال: أخبرنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن جمهور العمي، قال: حدثني أبي، عن عبدالله بن عبدالرحمن الأصم، عن أبي الهيثم، عن واقد، عن مقرن(٣)، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي $ قال:
  كَتَبَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ إِلَى عَلِيٍّ # مِنَ الْمَدَائِنِ، قَالَ: خِفْتُ أَنْ أَرْكَنَ إِلَى الدُّنْيَا فَعِظْنِي(٤).
  فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ #: (أَبَا عبدالله؛ إِنَّمَا مَثَلُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ الْحَيَّةِ، لَيِّنٌ مَسُّهَا، وَيَقْتُلُ سُمُّهَا، فَأَعْرِضْ عَمَّا يُعْجِبُكَ فِيهَا؛ لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكَ مِنْهَا، فَإنَّ صَاحِبَهَا كُلَّمَا اطْمَأَنَّ إِلَيْهَا وَأَنِسَ بِهَا سَخَّطَهُ مِنْهَا مَكْرُوهٌ)(٥).
= المصفى ١/ ٢٢٠، والآبي في نثر الدر ١/ ٢٠٠، وحكاه عن لقمان الحكيم # الجاحظ في البيان والتبيين ٢/ ٥٠، وكذلك ابن قتيبة الدِّينَوري في عيون الأخبار ٣/ ٩٥.
(١) رواه أبو الحسن علي بن مهدي الطبري في نزهة الأبصار ومحاسن الآثار ص ٢٣٩، ومحمد بن يزيد المبرد في الكامل ١/ ١٦٨، وابن قتيبة الدِّينَوري في عيون الأخبار ١/ ٤٠٩، والشريف الرضي في خصائص الأئمة ص ٩٩، والطوسي في أماليه ص ٥٢٤، والبلاذري في أنساب الأشراف ٢/ ٣٥٨، وأحمد بن محمد بن علي العاصمي في العسل المصفى ١/ ٢٢٠، والآبي في نثر الدر ١/ ٢٠٠، وابن حمدون في التذكرة الحمدونية ١/ ٤٩.
(٢) رواه الإمام الموفق بالله # في الاعتبار ص ٢٤٥ بإسناده عن ابن عباس مرفوعا، والمبرد في الكامل ١/ ١٦٨.
(٣) الذي في كتب الرجال ومعاجم الحديث هو: الْهَيْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ مُقَرِّنٍ.
(٤) رَكَنَ إليه: كنَصَرَ وعَلِمَ ومَنَعَ، رُكونًا: مال، وسَكَنَ. (قاموس ص ١٢٠١).
(٥) رواه الإمام الموفق بالله # في الاعتبار وسلوة العارفين ص ٥٣٧، والشريف الرضي في نهج البلاغة ص ٤٥٨، وأيضا في خصائص الأئمة ص ١٠١، وعلي بن مهدي الطبري في نزهة الأبصار ومحاسن الآثار ص ٢٠٦، وابن أبي الدنيا في الزهد ص ٨٠، وأيضا في ذم الدنيا ص ٤٤، والبيهقي في شعب =