جوهرة الفرائض شرح مفتاح الفرائض،

محمد بن أحمد الناظري (المتوفى: 1000 هـ)

[أهل الثمن]

صفحة 187 - الجزء 1

  الزَّوْجَاتُ إِذَا اجْتَمَعْنَ.

  وَأَمَّا أَهْلِ الثَّلثَيْنِ فَهُمْ أَرْبَعَةُ أَعْدَادٍ؛ وَهْوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَالثُّلُثَانِ لِأَرْبَعَةِ أَعْدَادٍ(⁣١)): الْأَوَّلُ: قَوْلُهُ: (وَهُمُ البنتانِ فَصَاعِدًا) وَمِيرَاثُهُمَا بِصَرِيحِ النَّصِّ فِي الْقُرْآنِ؛ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِن كُنَّ نِسَآءٗ فَوۡقَ ٱثۡنَتَيۡنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَۖ} وَفَوْقَ⁣(⁣٢) هَاهُنَا زَائِدَهُ⁣(⁣٣)


= وَشَرْطُ وُجُودِ الثُّلُثِ عَدَمُ الْفَرْعِ؛ وَالشَّرْطَانِ مُتَنَاقِضَانِ. وَلَا يَجْتَمِعُ الثُّمُنِ مَعَ الرُّبُعِ؛ لِأَنَّ الرُّبعَ لِلزَّوْجِ مَعَ الْحَاجِبِ، وَلِلزَّوْجَةِ بِدُونِ حَاجِبِ؛ وَلَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُ الزَّوْجَيْنِ. وَالثَّمُنُ لَهُنَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِن كَانَ لَكُمۡ وَلَدٞ فَلَهُنَّ ٱلثُّمُنُ مِمَّا تَرَكۡتُمۚ}⁣[النساء: ١٢].

(١) وَإِنَّمَا قَالَ: أَعْدَادٍ وَلَمْ يَقُلْ أَفْرَادِ؛ لِيَدْخُلَ الأثْنَانِ فَصَاعِدًا؛ وَالْأَفْرَادُ لَا يَكُونُ إِلَّا لِكُلِّ فَرْدِ. مصباح.

(٢) قَالَ الْإِمَامُ شَرَفُ الدِّينِ: وَإِنَّمَا قَالَ: فَوْقَ اثْنَتَيْنِ؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُنَّ إِذَا زِدْنَ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ زِيدَ لَهُنَّ. ذَكَرَ مَعْنَاهُ فِي «شَرْحِ النُّورِ الْفَائِضِ ١٤»، وَهْوَ تَأْوِيلٌ حَسَنٌ.

(٣) الْأَوْلَى حَذْفُ عَبَارَةِ «زَائِدَةٌ»، وَيُقَالُ: «فَوْقَ» صِلَةٌ لِلتَّأْكِيدِ. قَالَ فِي الثَّمَرَاتِ ٢/ ١٨١: في تَفْسِيرِ قَوْلِهِ: {فَإِن كُنَّ نِسَآءٗ فَوۡقَ ٱثۡنَتَيۡنِ} هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ لِلثَّلَاثِ مِنَ الْبَنَاتِ فَمَا فَوْقَهَنَّ الثلثَيْنِ. وَأَمَّا حُكْمُ الْبِنتَيْنِ فَمَسْكُوتُ عَنْهُ هُنَا، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ: فَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: إِنَّ فِي الْآيَةِ دَلِيلًا وَاضِحًا عَلَى أَنَّ لِلْبِنتَيْنِ الثلثَيْنِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۚ}، وَهُوَ [أَي الذَّكَر] يَأْخُذُ الثَّلْثَيْنِ مَعَ الْوَاحِدَة؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى جَعَلَ حَظَّهُمَا الثّلُثَيْنِ، ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى حُكْمَ الثَّلَاثِ بِقَوْلِهِ: {فَإِن كُنَّ نِسَآءٗ فَوۡقَ ٱثۡنَتَيۡنِ}، تَكُونُ «فَوْقَ» صِلَةٌ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَٱضۡرِبُواْ فَوۡقَ ٱلۡأَعۡنَاقِ}⁣[الأنفال: ١٢]. وَقَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: مِيرَاثُ الثَّنْتَيْنِ غَيْرُ مُصَرَّح به في الآيةِ، لَكِنْ يُسْتَخْرَجُ مِنْ مِيرَاثِ الْأُخْتَيْنِ؛ قَالَ تَعَالَى: {فَإِن كَانَتَا ٱثۡنَتَيۡنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَۚ}، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِلأُخْتَيْنِ الثُّلثَيْنِ، فَالْبَنَاتُ أَوْلَى بِذَلِكَ؛ وَلِحَدِيثِ سَعْدِ بْنِ الرّبيع. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسِ: إِنَّ الثُلْثَيْنِ لِلثَّلَاثِ فَمَا فَوْقَ، وَأَمَّا الثنتَانِ فَهُمَا كَالْبِنْتِ؛ لِظَاهِرِ الآية. وينظر: الكشاف ١/ ٤٨٠، والطبرسي ٢/ ٢٨. قَالَ الْإِمَامُ شَرَفُ الدِّينِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِن كُنَّ نِسَآءٗ فَوۡقَ ٱثۡنَتَيۡنِ}: نُكْتَةٌ شَرِيفَةٌ لَطِيفَةٌ، وَهْيَ أَنَّهُ =