جوهرة الفرائض شرح مفتاح الفرائض،

محمد بن أحمد الناظري (المتوفى: 1000 هـ)

(باب ميراث المكاتب)

صفحة 506 - الجزء 1

(بَابُ مِيرَاثُ الْمُكَاتَبِ⁣(⁣١))

  حَقيقَةُ الْمُكَاتَبِ: هُوَ عَبْدٌ عُلَّقَ عِتْقُهُ عَلَى أَدَاءِ مَالٍ فِي نَجْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ شِئتَ قُلْتَ: هُوَ الْمَفْكُوكُ عَنْهُ حَجْرُ الرّقِّ لِأَجل التَّصَرُّفِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْجَزَ الْعِتْقُ فِي الْحَالِ.

  وَحَقِيقَةُ الْكِتَابَةِ: هِيَ عَقْدُ يَتَعَلَّقُ بِهِ عِتْقُ مَمْلُوكِ عَلَى أَدَاءِ مَالٍ فِي نَجْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ.

  وَالدَّلِيلُ عَلَيْهَا الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ:

  أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَكَاتِبُوهُمۡ إِنۡ عَلِمۡتُمۡ فِيهِمۡ خَيۡرٗاۖ}⁣[وَالْخَيْرُ الْوَفَاءِ وَالدِّينُ].

  وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ÷ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَعَانَ مُكَاتَبَا، أَوْ وَضَعَ عَنْهُ فِي كِتَابَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ»⁣(⁣٢).

  وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ.

  وَاخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ أَوْ لَا؟ فَمَذْهَبُ أَهْلِ الْبَيْتِ $ أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ؛ وَإِنَّمَا هِيَ مُسْتَحَبَّةُ إِذَا طَلَبَهَا الْمُكَاتَبُ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْوَفَاءِ، وَكَانَ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ تَأْدِيَةُ مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ⁣(⁣٣). وَعِنْدَ أَهْلِ الظَّاهِرِ⁣(⁣٤) أَنَّهَا وَاجِبَةٌ إِذَا طَلَبَهَا الْمُكَاتَبُ؛ وَحُجَّتُهُمْ ظَاهِرُ الْآيَةِ وَهْيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَكَاتِبُوهُمۡ إِنۡ عَلِمۡتُمۡ فِيهِمۡ خَيۡرٗاۖ}⁣[نقُولُ: الْأَمْرُ إِرْشَادِيَ° لَا وَاجِبٌ]، وَالْكِتَابَةُ تَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:


(١) فِي الْقَامُوسِ ١٦٥: وَالْمُكَاتَبَةُ: التَّكَاتُبُ، وَأَنْ يُكَاتِبَكَ عَبْدُكَ عَلَى نَفْسِهِ بِثَمَنِهِ فَإِذَا أَذَاهُ عَتَقَ وَالْمُكَاتَبُ: مَفْعُولُ مِنَ الْكِتَابَةِ؛ وَسُمِّيَتْ كِتَابَةٌ لِمَا يَكْتُبُ السَّيِّدُ عَلَى العَبْدِ مِنَ النُّجُومِ الَّتِي يُؤَدِّيهَا في مَحَلَّها. تاج العروس ٢/ ٣٥٤.

(٢) البيهقي ١٠/ ٣٢٠، والفردوس بمأثور الخطاب ٣/ ٥٨٢ رقم ٥٨٢١. أَيْ لَا رَحْمَةَ إِلَّا رَحْمتُهُ.

(٣) وَإِلَّا كَانَتْ بَاطِلَةٌ. البحر الزخار ٥/ ٣٢٤، وشرح الأزهار ٨/ ٥٠٩. بَل تَصِحُّ لِجَوَازِ أَنْ يُوفِي عَنْهُ الْغَيْرُ.

(٤) وَعَطَاءِ، وَابْنِ دِينَارٍ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ: إِذَا طَلَبَهَا الْعَبْدُ بِقِيمَتِهِ لَا بِدُونِهَا الْمُحَلَّى ٨/ ٢١٩.