(باب ميراث المكاتب)
(بَابُ مِيرَاثُ الْمُكَاتَبِ(١))
  حَقيقَةُ الْمُكَاتَبِ: هُوَ عَبْدٌ عُلَّقَ عِتْقُهُ عَلَى أَدَاءِ مَالٍ فِي نَجْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَإِنْ شِئتَ قُلْتَ: هُوَ الْمَفْكُوكُ عَنْهُ حَجْرُ الرّقِّ لِأَجل التَّصَرُّفِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُنْجَزَ الْعِتْقُ فِي الْحَالِ.
  وَحَقِيقَةُ الْكِتَابَةِ: هِيَ عَقْدُ يَتَعَلَّقُ بِهِ عِتْقُ مَمْلُوكِ عَلَى أَدَاءِ مَالٍ فِي نَجْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ.
  وَالدَّلِيلُ عَلَيْهَا الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ:
  أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَكَاتِبُوهُمۡ إِنۡ عَلِمۡتُمۡ فِيهِمۡ خَيۡرٗاۖ}[وَالْخَيْرُ الْوَفَاءِ وَالدِّينُ].
  وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ÷ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ أَعَانَ مُكَاتَبَا، أَوْ وَضَعَ عَنْهُ فِي كِتَابَتِهِ أَظَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ»(٢).
  وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ.
  وَاخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ أَوْ لَا؟ فَمَذْهَبُ أَهْلِ الْبَيْتِ $ أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ؛ وَإِنَّمَا هِيَ مُسْتَحَبَّةُ إِذَا طَلَبَهَا الْمُكَاتَبُ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْوَفَاءِ، وَكَانَ مِمَّنْ يُمْكِنُهُ تَأْدِيَةُ مَا كُوتِبَ عَلَيْهِ(٣). وَعِنْدَ أَهْلِ الظَّاهِرِ(٤) أَنَّهَا وَاجِبَةٌ إِذَا طَلَبَهَا الْمُكَاتَبُ؛ وَحُجَّتُهُمْ ظَاهِرُ الْآيَةِ وَهْيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَكَاتِبُوهُمۡ إِنۡ عَلِمۡتُمۡ فِيهِمۡ خَيۡرٗاۖ}[نقُولُ: الْأَمْرُ إِرْشَادِيَ° لَا وَاجِبٌ]، وَالْكِتَابَةُ تَنْقَسِمُ إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
(١) فِي الْقَامُوسِ ١٦٥: وَالْمُكَاتَبَةُ: التَّكَاتُبُ، وَأَنْ يُكَاتِبَكَ عَبْدُكَ عَلَى نَفْسِهِ بِثَمَنِهِ فَإِذَا أَذَاهُ عَتَقَ وَالْمُكَاتَبُ: مَفْعُولُ مِنَ الْكِتَابَةِ؛ وَسُمِّيَتْ كِتَابَةٌ لِمَا يَكْتُبُ السَّيِّدُ عَلَى العَبْدِ مِنَ النُّجُومِ الَّتِي يُؤَدِّيهَا في مَحَلَّها. تاج العروس ٢/ ٣٥٤.
(٢) البيهقي ١٠/ ٣٢٠، والفردوس بمأثور الخطاب ٣/ ٥٨٢ رقم ٥٨٢١. أَيْ لَا رَحْمَةَ إِلَّا رَحْمتُهُ.
(٣) وَإِلَّا كَانَتْ بَاطِلَةٌ. البحر الزخار ٥/ ٣٢٤، وشرح الأزهار ٨/ ٥٠٩. بَل تَصِحُّ™ لِجَوَازِ أَنْ يُوفِي عَنْهُ الْغَيْرُ.
(٤) وَعَطَاءِ، وَابْنِ دِينَارٍ، وَبِهِ قَالَ عُمَرُ: إِذَا طَلَبَهَا الْعَبْدُ بِقِيمَتِهِ لَا بِدُونِهَا الْمُحَلَّى ٨/ ٢١٩.