(باب أحوال الأب والجد)
(بَابُ أَحْوَالِ الْأَبِ وَالْجَدِّ)(١)
  حَقِيقَةُ أَحْوَالِهِمَا هِيَ الْمَزِيَّةُ(٢) الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا الْوَالِدُ(٣) عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ، وَهْيَ كَوْنُهُ لَا يَسْقُطُ مِنَ الْإِرْثِ مَعَ سَلَامَةِ الْحَالِ.
(١) وَالْأَحْوَالُ: جَمْعُ حَالٍ، وَهُوَ لُغَةٌ: التَّغْيِيرُ. وَعُرْفًا: مَا عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرِّ، وَعَلَيْهِ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْقُرَشِيِّ، ذَكَرَهُ فِي دِيوَانِهِ ص ٩١:
قفِي فَانْظُرِي يَا أَسْمُ هَلْ تَعْرِفِينَهُ ... أَهَذَا الْمُعَيْدِيُّ الَّذِي كَانَ يُذْكَرُ
لَإِنْ كَانَ إِيَّاهُ لَقَدْ حَالَ بَعْدَنَا ... عَنِ الْعَهْدِ وَالْإِنْسَانُ قَدْ يَتَغَيَّرُ
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَدِّ وَغَيْرِهِ كَلَامًا طَوِيلًا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلي #: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَقْتَحِمَ جَرَاثِيمَ فَلْيَقْضِ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ!» عبد الرزاق ١٠/ ٢٦٣ رقم ١٩٠٤٨، وسنن سعيد ١/ ٦٦ رقم ٥٦، وابن أبي شيبة ٦/ ٢٦٨. وَهَذَا مِنْهُ تَحْذِيرُ فِي الْفَتْوَى بِغَيْرِ تَثَبُّتٍ وَبَصِيرَةٍ، وَدَلَالَةٍ مُنِيرَةِ. وَقَالَ عُمَرُ: أَجْرَؤُكُمْ عَلَى جَرَاثِيمِ جَهَنَّمَ أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْجَدِّ. عبد الرزاق ١٠/ ٢٦٢ رقم ١٩٠٤٧، وَرُوِيَ أَنَّهُ قَضَى فِي الْجَدِّ مِائَةَ قَضِيَّةٍ مُخْتَلِفَةٍ. عبد الرزاق ١٠/ ٢٦١ رقم ١٩٠٤٤، وابن أبي شيبة ٦/ ٢٦٨. وَرُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: احْفَظُوا عَنِّي ثَلَاثًا إِحْدَاهُنَّ: لَا أَقُولُ فِي الْجَدَّ شَيْئًا وَالثَّانِيَةُ الْكَلَالَةُ، وَالثَّالِثَةُ: لَأَسْتَخْلِفَنَّ عَلَيْكُمْ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَلُونِي عَمَّا شِئتُمْ مِنْ عَصْلِكُمْ وَلَا تَسْأَلُونِي عَنِ الْجَدِّ، لَا حَيَّاهُ وَلَا بَيَّاهُ. المنهاج الجلي ٢/ ٣١٠. وينظر البيهقي ٦/ ٢٤٥، والدارمي ٢/ ٤٥٠، وابن أبي شيبة ٢/ ٢٦٨.
(٢) يُنْظَرُ فِي هَذِهِ الْمَزِيَّةِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا عَلَى سَائِرِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَ الصُّلْبِ، وَالْأُمَّ، وَالزَّوْجَينِ دَاخِلُونَ فِي هَذِهِ الْمَزِيَّةِ؛ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: هِيَ الْمَزِيَّةُ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا الْوَالِدُ مِنْ وَلَدِهِ عَلَى سَائِرِ الْعَصَبَاتِ مصباح. وَقَالَ الْخَالِدِي ٩١: وَتِلْكَ الْمَزِيَّةُ [لِلْأبِ وَالْجَدً] إِذَا عَالَتِ الْفَرِيضَةُ أَوْ وُجِدَ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُمَا بِالتَّعْصِيبِ لَمْ يَسْقُطَا بَلْ يَرْجِعَانِ مِنْ ذَوِي السَّهَام، بِخِلَافِ سَائِرِ الْعَصَبَاتِ؛ فَإِنَّهُمْ يَسْقُطُونَ عِنْدَ الْعَوْلِ، وَعَنْدَ وُجُودِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُمْ بِالتَّعْصِيب.
(٣) صَوَابُهُ: الْأَبُ، وَالْجَد؛ لِئَلَّا تَدْخُل الأم.