جوهرة الفرائض شرح مفتاح الفائض
  الَّتِي يَكْتُبُهَا عِنْدَ قِسْمَةِ الْأَمْوَالِ؛ لِيُحَرِّرَ مِنْهَا فُصُولًا لِكُلِّ وَارِثٍ، وَكُنْتُ أَسْمَعُ الْقَرَارِيط، وَالسَّهَامَ، وَالنِّصْفَ، وَالثَّلُثَ، وَالرُّبُعَ، وَالسُّدُسَ، وَالسُّبْعَ، وَالثُّمُنَ وَالتَّسْعَ، وَقَدْ يَسَّرَ اللهُ لِي بَعْدَ هِجْرَتِي إِلَى صَنْعَاءَ، وَإِتْقَانِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَحُصُولِي عَلَى الْإِجَازَةِ مِنْ مَشَائِخِي فِي الْقُرْآنِ جَزَاهُمُ اللهُ خَيْرًا - أَنْ تَتَكَرَّرَ زِيَارَاتِي لِلْوَالِدَيْنِ كُلَّ سَنَةٍ فِي رَمَضَانَ، وَكُنْتُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ أُدَرِّسُ أَهْلَ الْمَسْجِدِ قَاطِبَةً جُزْءًا مِنَ الْقُرْآنِ كُلَّ لَيْلَةٍ، وَالْوَالِدُ مِنْ ضِمْن تَلَامِيذِي! وَبَعْدَ ذَلِكَ يُعْطِينَا الْوَالِدُ دَرْسًا فِي التَّصْفِيَةِ أَوْ نَحْوِهَا، ثُمَّ نَبْدَأُ دَرْسَ الْفَرَائِضِ عَلَى يَدَيْهِ، وَنَسْتَغْرِقُ اللَّيْلَةَ كُلَّهَا إِلَى وَقْتِ السُّحورِ، وَلَمْ يَكُنْ | لا يُبَالِي بِمُسْتَوى الْمُبْتَدِي، بَلْ يَطْرَحُ الْمَسْأَلَةَ وَيُقْحِمُنَا فِي حَلَّهَا، وَكَانَ يَأْتِينَا بِمَسَائِلَ عَجِيبَةٍ، وَكُنْتُ أُشَاهِدُ مَلَامِحَ النُّبوغِ يَتَوَفَّدُ فِي وَجْهِهِ؛ فَبَدَأْتُ أَسْتَعِينُ بِالْآلَةِ الْحَاسِبَةِ؛ فَكَانَ يَقُولُ لِي بِلَهْجَتِهِ ابْرِدْ لَكَ مِنْهَا: أَي اتْرُكْهَا؛ فَإِنَّهَا تُصِيبُكَ بِالْبَلَادَةِ؛ وَذَلِكَ وَاقِع؛ فَلَوْ قُلْتَ لِطُلَّابِ الْيَوْم: اضْرِبْ ٦×٧ لَبَحَثَ عَنْ آلَةٍ حَاسِبَةٍ!
  تَكَرَّرَتْ دِرَاسَةُ الْفَرَائِضِ عَلَى يَدَيْهِ حَوَالَي عَشْرَ مَرَّاتٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةٌ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا فِي رَمَضَانَ، وَفِي الْفَرَائِضِ مُصْطَلَعُ «س» وَمَعْنَاهُ يُدْرَسُ، وَمُصْطَلَحُ «لا» مَعْنَاهُ لَا يُدْرَسْ؛ فَكَانَ | يَقُولُ عِنْدَ مُصْطَلَحٍ «لا»: لَا يُوجَدُ فِي الْعِلْمِ لَا يُدْرَسُ، بَلْ يُدْرَسُ؛ فَنَفَعَنِي ذَلِكَ فِي تَحْقِيقِ هَذَا الْكِتَابِ.
  وَمِنْ عَجَائِبِ الْوَالِدِ لِكَيْ يَكُونَ دَرْسًا لِي وَلِلْعُلَمَاءِ وَلِطُلَّابِ الْعِلْمِ أَنَّهُ طَلَبَ مِنِّي مُشَارَكَتَهُ فِي إِعْمَالِ مَسْأَلَةٍ وَرَثَةِ جَدِّي وَالِدِ أُمِّي؛ فَكَانَتْ صَعْبَةٌ وَمُعَقَّدَةٌ بِشَكْلِ عَجِيبٍ؛ فَانْغَلَقَ ذِهْنِي تَمَامًا فِي مُسَايَرَتِهِ؛ فَشَاهَدْتُهُ | يَكْدِمُ طَرَفَ أَصَابِعِهِ وَهُوَ يُفَكِّرُ حَتَّى وَصَلَ إِلَى حَلِّهَا. وَمِنْ طَرَائِفِهِ: بَرَاعَتُهُ فِي صِيَاغَةِ وَتَسْمِيَةِ النِّسْبَةِ وَالْكُسُورِ الْمُرَكَّبَةِ بِأَرْشَقِ الْعِبَارَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ.