جوهرة الفرائض شرح مفتاح الفائض
  إِلَى مَعْرِفَةِ عِلْمِ النَّحْوِ؛ لَكِنِّي بَدَأْتُ مُمَارَسَةَ فَنَّ عِلْمِ الْمِيرَاثِ؛ بِحِفْظِ مَثْنِ «مِفْتَاحِ الْفَائِضِ» لِلْعُصَيْفِرِيِّ، عِنْدَمَا هَاجَرْتُ إِلَى مَسْجِدِ الْقُرَانَةِ بِالْمَحَابِشَةِ وَدَرَسْتُ قَلَيْلًا عَلَى يَدِ الْقَاضِي أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ يَايَهُ |، ثُمَّ دَرَسْتُ الْجَوْهَرَةَ بِدَايَةَ هِجْرَنِي إِلَى صَنْعَاءَ عَلَى يَدِ الْقَاضِيَ أَحَمَدَ بْنِ أَحْمَدَ السَّيَّاغِي |، وَكَذَلِكَ عَلَى يَدْ شَيْخِي وَمَنْ لَهُ الْمِنَّةُ عَلَيَّ بَعْدَ وَالِدِي الْقَاضِي الْعَلَّامَةِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ أَحْمَدَ مِعْيَادٍ |؛ وَقَدْ دَرَسْتُهَا مِرَارًا عَلَى وَالِدِي الْعَلَّامَةِ زَيْدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٌّ الْمَحَطَّوَرِي تَغَشَّاهُ اللهُ بِوَاسِعِ الرَّحْمَةِ؛ وَكَانَ مُتَفَوِّقًا فِي هَذَا الْفَنَّ لِأَسْبَابِ:
  الْأَوَّلُ: شِدَّهُ ذَكَائِهِ؛ فَقَدْ كَانَ يَقُولُ مُدِيرُ مَدْرَسَةِ الْمَحَابِشَةِ الْقَاضِي يَحْيَى حميدٌ أَيَّامَ الْإِمَامِ يَحْيَى حَمِيدِ الدِّينِ: أَتَمَنَّى أَنْ أَدْفَعَ مُرَتَّبَا كَافِيًا لِزَيْدِ الْمَحَطَّوَرِيُّ، وَآخَرَ مِنْ بَيْتِ عَيْشَانَ؛ فَهَذَانِ نَابِغَتَانِ.
  الثَّانِي: أَنَّ الْوَالِدَ | نَابَ مَنَابَ وَالِدِهِ جَدِّي زَيْدٍ فِي مُمَارَسَةِ قِسْمَةِ التَّرِكَاتِ بَيْنَ النَّاسِ؛ فَصَارَتْ عَمَلَهُ الْيَوْمِي. وَبِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ جَدِّي كَانَ آيَةً فِي الذَّكَاءِ، وَالزُّهْدِ، وَالْوَرَعِ، وَكَثْرَةِ الاطِّلَاعِ؛ إِذْ أَخْبَرَنِي وَالِدِي وَغَيْرُهُ أَنَّ الْقُرْآنَ بَيْنَ شَفَتَيْهِ كَالْفَاتِحَةِ! وَعِنْدَمَا يَقْطَعُ تِلَاوَتَهُ أَيُّ شَيْءٍ يَعُودُ مِنْ حَيْثُ وَقَفَ. كَمَا أَنَّهُ اعْتَمَدَ مَنْهَجًا صَارِمًا فِي حَيَاتِهِ؛ فَبَعْدَ الْعِشَاءِ مُبَاشَرَةٌ يَدْخُلُ فِي كيس النَّوْمِ، وَيَمْتَدُّ عَلَى يَمِينِهِ، وَيَقْرَأُ عَلَى سِرَاجِ الْجَازِ: فِي شَرْحِ الْأَزْهَارِ، أَوِ الْكَشَّافِ وَهْيَ نُسْخَةٌ قَدِيمَةٌ طِبَاعَةٌ حَجَرِيَّةٌ مَوْجُودَةٌ لَدَيَّ، أَوْ شَرْحِ ابْنِ أَبِي الْحَدِيدِ، أَوْ تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيٌّ فِي هَامِشِ مُصْحَفِ كَانَ لَدَيْهِ مَوْجُودٌ لَدَيَّ، وَعَلَيْهَا كَثِيرٌ مِنَ الْحَوَاشِي لَهُ، وَعِنْدَمَا يَغْلِبُهُ النُّعَاسُ يَقُولُ مُطْفِيًّا السِّرَاجَ: كُفَّ عَنَا يَا اللَّهُ كُلَّ يَدٍ ظَالِمَةٍ! أَمَّا الْوَالِدُ فَهْوَ أَشْهَرُ عَدْلٍ فِي بِلَادِ الشَّرَفَيْنِ أَوْ بِالْأَحْرَى فِي لِوَاءِ حَجَّةَ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ وَقَدْ كُنْتُ أُنَطِّقُهُ مَا فِي دَفَاتِرِ الْمَسَاخِرِ