باب في ذكر القضاة والقضايا وهو السابع عشر
  العرب إسلاماً، فأسلموا وهاجروا وأقاموا بالمدينة؛ فسقموا لمقامهم بها، وعظمت بطونهم، واصفرت ألوانهم، وساءت أحوالهم؛ فسألوا رسول الله ÷ أن يخرجوا إلى إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها وأبوالها فأذن لهم، فخرجوا إليها؛ فشربوا من ألبانها وأبوالها فتصححوا فيها، فَلَمَّا برئوا مما كان بهم، وصحُّوا من سقمهم، وعادوا إلى أحسن حالهم - عَدَوا على رعاء الإبل فقتلوهم، واستاقوا الإبل، وذهبوا، فبلغ ذلك النبيء ÷ فبعث في آثارهم فأخذهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسَمَلَ(١) أعينهم، ثم طرحهم في الشمس حتى ماتوا، فعوتب النبيء ÷ في أمرهم، وأنزل الله الآية في بيان(٢) من فعل كفعلهم فقال: {إِنَّمَا جَزَٰٓؤُاْ اُ۬لذِينَ يُحَارِبُونَ اَ۬للَّهَ وَرَسُولَهُۥ}[المائدة: ٣٥] الآية.
  فمعنى قوله: {أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ}، يريد: ويصلبوا، والألف هاهنا صلة للكلام كقوله: {وَأَرْسَلْنَٰهُ إِلَيٰ مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَۖ ١٤٧}[الصافات].
  قال يحيى بن الحسين ~ في قول الله تبارك وتعالى(٣): {۞يَٰأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ إِنَّمَا اَ۬لْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَٰمُ رِجْسٞ مِّنْ عَمَلِ اِ۬لشَّيْطَٰنِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَۖ ٩٢}[المائدة] [قال يحيى #](٤) الخمر: ما خامر العقل فأفسده، فما أفسد كثيره كان حراماً قليلُهُ.
  والميسر هو: النرد والشطرنج والقمار كله.
(١) سَمْل العين: فَقْؤُها بحديدة محماة. (مختار).
(٢) في (ز) وهامش (ج): شأن.
(٣) في (أ، ز): في قوله تعالى.
(٤) ساقط من (ب).