باب في السير وهو العشرون
  كلام الله، وهو كتابه وحجته، فإن قبل فأخوكم في الدين، وإن أبى فردوه إلى مأمنه، واستعينوا بالله، ولا تعطوا القوم ذمة الله ولا ذمة رسوله ولا ذمتي(١)، أعطوا القوم ذمتكم، وفوا بها».
  وبإسناده عن أمير المؤمنين أنه استعمل رجلاً على بعض الأعمال، فلما كان رأس السنة عزله، فأتى بشُلَيْف(٢) من دراهم يحمله حتى طرحه بين يدي علي #، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا أهداه لي أهل عملي، ولم يهدوه لي قبل أن تستعملني ولا بعد أن نزعتني، فإن كان لي أخذته وإلا فشأنك به؟ فقال له أمير المؤمنين # (أَحْسَنْتَ، لَوْ أَمْسَكْتَهُ كَانَ غُلُولاً)، وأمر به لبيت المال.
  وبإسناده عن جماعة من أصحاب النبي ÷ أنهم قالوا: كنا في مسلحة(٣) من مسالح العدو فلقينا المشركين؛ فحاص(٤) الناس حيصة، فكنا فيمن حاص، فلما رجعنا إلى أنفسنا قلنا: وكيف ننظر في وجوه المسلمين وقد بؤنا(٥) بغضب من الله؟ قال: فدخلنا المدينة ليلاً فقلنا نخرج من المدينة وفيها رسول الله ÷ لم نلقه؟! فغدونا إليه وهو غاد إلى صلاة الفجر فلقيناه فقلنا: يا رسول الله، نحن
(١) (ولا ذمتي) غير موجود في الأحكام. (هامش أ، ب). (من خطِّ الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي #).
(٢) في (ز): بسليف. وفي (د): بسَلِف. وفي هامش (ب) بخطِّ الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي # ما لفظه: بالشين المعجمة. وفي القاموس بالمهملة: الجراب الضخم. تمت (هامش الأحكام).
(٣) المسلحة: وهي كالثغر والمرقب يكون فيه أقوام يرقبون فيه العدو لئلا يطرقهم على غفلة، فإذا رأوه أعلموا أصحابهم ليتأهبوا له، والمسالح: موضع المخافة. (تاج العروس بتصرف).
(٤) قوله: ((فحاصَ الناس)): حاص يحيص، أي: عدل وحاد، ويقال للأولياء: حاصوا، والأعداء: انهزموا. (هامش هـ، ز) باختصار.
(٥) أي: رجعنا. (هامش أ، ج).