باب في السير وهو العشرون
  الفرارون، فقال: ((بَلْ أَنْتُمْ الْعَكَّارُونَ(١)، أَنَا فِئَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ))، قال: فقبَّلْنا يده.
  وبإسناده # أن أمير المؤمنين قَاتَلَ من قاتله يوم الجمل، وأخذ ما في العسكر، ولم يتبع من المنهزمة مدبراً، ولم يُجِزْ(٢) على جريح، ولم يجز لأحد سبياً؛ فتكلم بعض أصحابه في ذلك وقالوا: أحللت لنا دماءهم وأموالهم وحرمت علينا سبيهم؟! فقال: (ذَلِكَ حُكْمُ اللهِ فِيهِمْ وَعَلَيْهِمْ وَفِي غَيْرِهِمْ مِنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ يَفْعَلُ كَفِعْلِهِمْ)، فلما أكثروا عليه في ذلك قام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبيء ÷، ثم قال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ قَدْ أَكْثَرْتُمْ مِنَ الْقِيلِ وَالْقَالِ، وَالْكَلَامِ فَيْمَا لَا يَجُوزُ مِنَ الْمِحَالِ، فَأَيُّكُمْ يَأْخُذُ عَائِشَةَ فِي سَهْمِهِ؟) فقال كلهم: لا أيُّنا، فقال: (فَكَيْفَ ذَلِكَ وَهْيَ أَعْظَمُ النَّاسِ جُرْماً؟) فقالوا: أصبت وأخطأنا.
  وبإسناده عن زيد بن علي أنه قال: «نحنُ الْمَوْتُورُونَ، ونحنُ طَلَبَةُ الدَّمِ، والنفسُ الزكيةُ مِنْ وَلَدِ الحسنِ، والمنصورُ مِنْ وَلَدِ الحسنِ، كَأَنِّي بشيبات النفسِ الزكيةِ وهو خارجٌ من المدينةِ [يريدُ مكةَ](٣)، فإذا قتله القومُ لم يبقَ لهم في الأرضِ ناصرٌ، ولا في السماءِ عَاذِرٌ، وعند ذلك يقومُ قائمُ آل محمدٍ ÷ مُلْجِئاً ظهرَهُ إلى الكعبةِ، بين عينيهِ نورٌ ساطعٌ، لا يعمى عنه إلا عمي القلبِ في الدنيا والآخرة»، قال: فقال أبو هاشم بياع الرمان(٤): يا أبا الحسين، وما ذلك النور؟ قال: «عدلُه فيكم،
(١) قال في مختار الصحاح: العكرة - بوزن الضربة - الكَرَّة. وفي (و): الكرارون.
(٢) في (د): ولم يجهز. قال في القاموس: أَجَزْتُ على الجريح: أَجْهَزْتُ. تمت.
(٣) ساقط من (ب، د، هـ، و، ز).
(٤) في (ب): فقال له أبو هاشم بائع الرمان ... إلخ.