باب العدل
باب العدل
حكم العقل
  اتفقت الأمة الإسلامية على أنَّ الله سبحانه وتعالى عدل حكيم، لا يظلم مثقال ذرة، وأن أفعاله تعالى كلها حسنة، وأنه لا قبيح في أفعاله، فهذه الجملة لا خلاف فيها، وهناك تفاصيل لهذه الجملة عندها نشأ الخلاف.
  فمِمَّا حصل فيه اختلافٌ حكم العقل بالحسن والقبح، بمعنى: هل يحكم العقل بمفرده بحسن شيءٍ أو قبحه، نحو حسن العدل، أي أنَّ فاعله يستحق المدح والثواب، وقبح الظلم أي أنَّ فاعله يستحق الذم والعقاب.
  فالذي عليه الزيدية وطوائف من المسلمين أنَّ العقل يستقل بمعرفة ذلك ابتداءً، أي قبل ورود الشرائع.
  وقال قوم: إنَّ العقل لا حُكْمَ له ولا يُدْرِكُ ذلك، وإنما جاء التحسين والتقبيح من قِبَلِ الشرائع السماوية، فما ورد الأمر به فهو حسن بسبب الأمر، فالأمر هو الذي حَسَّنَهُ، والقبيح يقبح بسبب النهي، لا دخل للعقل في ذلك الحكم، ولا طريق له إلى معرفة شيء من ذلك، فإن حَكَمَ العقلُ بمجرده فلا وثوق بحكمه.
  والجواب: أنَّ حكم العقل بحسن نحو العدل، وبقبح نحو الظلم من الضروريات العقلية التي لا تحتاج إلى نظر واستدلال، كالعلم بالجوع والعطش والآلام والفرح والسرور، وكالعلم بأني