نظرات في ملامح المذهب الزيدي وخصائصه،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

حكم العقل

صفحة 68 - الجزء 1

  قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ}⁣[النحل: ٩٠]، ففي هذه الآية دليل على أن الله سبحانه وتعالى لم يأمر ولم ينه إلا بما يتوافق مع الفطرة، ويتماشى مع العقل السليم، فهو يأمر بكذا وكذا، وينهى عن كذا وكذا، فلأي شيء يهربون من الدين؟ ويكفي للعلم بأنه حق أن يتفكر الإنسان ويراجع عقله وينظر في الأوامر والنواهي القرآنية، فما أمرت إلا بما ترغب فيه النفس وتميل إليه الفطرة، ولم تنهَ إلا عن ما يتفاحش في العقل، وتستنكره الفطرة.

  والرسول ÷ لم يأمرهم إلا بالمعروف ولم ينههم إلا عن المنكر، فالمعروف والمنكر مرتكزان في الفطرة، ومعلومان عند العقل، فيكفي في صدق الرسول ÷ أنه ÷ لم يأمرهم إلا بما تعرفه عقولهم، ولم ينههم إلا عن ما تنكره قلوبهم.

  فهو إذاً معروف ومنكر من قبل الأمر والنهي، والمعروف حسن، والمنكر قبيح، قال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ١٩٠ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}⁣[آل عمران]، ففي هذه الآية ونحوها دليل على أن خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار مليء بالآيات، وأن هذه الآيات مجال