نظرات في ملامح المذهب الزيدي وخصائصه،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

اختيار المكلف

صفحة 72 - الجزء 1

  بالضرورة من الفرق بين حركة المرتعش من البرد وبين حركته الطبيعية، وما هو إلا أن الأخرى متوقفة على إرادته واختياره دون الأولى، وكذلك حركة الحيوان وحركة الجماد، ومن هنا لم يحسن أن نقول للطويل: لِمَ طالتْ قامتُكَ؟، وللقصير: لِمَ قَصُرَتْ قامتُكَ؟، كما يَحْسُنُ أن نقول للظالم: لِمَ ظلمتَ؟، وللكاذب: لِمَ كذبتَ؟.

  وهناك آيات من الكتاب العزيز يستدلون بها على أن الإنسان غير مختار في أفعاله، وهذه الآيات لها وجوه متعددة يمكن أن تفسر بأكثر من تفسير واحد.

  فأئمتنا $ فسروا كل آية بالتفسير المناسب لفطرة العقل، واللائق بعدل الله وحكمته، والموافق لنصوص القرآن، والذي ينبغي معرفته أن آيات القرآن بعضها محكم، وهو الأصل، وعليه الاعتماد في بناء العقائد الإسلامية، وبعضها متشابه لا يجوز الأخذ بظواهر معانيها ولا الاعتماد عليها في تأسيس العقائد. ومن هنا يقول الله سبحانه وتعالى: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ٧}⁣[آل عمران]، وللإمام الهادي # في أجوبته على ابن الحنفية تفسير لأكثر الآيات في هذا الباب، فمن أرادها فهي موجودة في المجموعة الفاخرة.