[أفضل ما أعطي العبد]
  لم أكن لأعدائك خاضعاً، وإن لم أكن في سبيلك مجاهداً– لم أكن لدليلك جاحداً. إلهي كيف يصافيك من لا يأتيك؟ وكيف يرجوك من لا يتقرب إليك.
  أنا المتخلف عن أقراني، أنا الضعيف في أركاني، أنا الفريد بحرقتي عن إخواني، أنا الذي لم أحقق إيماني، سيدي قد أتيتك بفاقتي، وجئت إليك لما عدمت طاقتي، أنت العالم بجرمي، والمطلع على طلبي، المحصي لخطيئتي، الشاهد على طويتي، الناظر لي في خلوتي، كسدت بضاعتي، وخسرت تجارتي، ولم أتزود من حياتي، وقد أتيتك قرب وفاتي.
  إلهي إن لم تقبلني فأين المنجأ؟ وإن رددتني فأين الملجأ؟ من للعبد إلاَّ مولاه؟ ذهبت أيامي، وبقيت آثامي، فلا تذل مقامي، ولا تحجب عني إمامي، يا من ابتدأني بتفضله، وأكرمني بتطوله.
  ما الحيلة أعضائي ذليلة؟ ما الحيلة أحزاني طويلة؟ ما الحيلة حسناتي قليلة؟ ما الحيلة وليس لي وسيلة؟ لا حيلة لي غير الرجوع، والتضرع والخضوع، والاقبال والإياب، وتعفير الوجه بالتراب، والتذلل عند الباب، وقراءة آيات الكتاب، والسجود لرب الأرباب، وترك الاشتغال، والاقبال على مقدر الأرزاق والآجال، وترك المعارضة، ورفض المناقضة. وحنين وحرقات، وأنين وزفرات، وسهر دائم، وليل قائم، ونهار صائم، وقلب هائم، ووعظ لائم، فرار بلا قرار، فراق كل محبوب، والبين عن كل منسوب.
  الحيلة ترك الاستراحة في طلب الراحة، ودوام النياحة مع القيام على السياحة، وترك الخطايا، واستعداد المطايا.
  الحيلة أن تخضع حتى تسمع، ويخاف القلب ويخشع، وتعتبر العين فتدمع، اقرع الباب تسمع الجواب.
  قال الوافد: قد سمعت لذيذ المناجاة، كيف أصنع في داءٍ قد تمكن في قلبي حتى أقلعه وأحسمه؟