[الدنيا وفعلها بأهلها]
[الدنيا وفعلها بأهلها]
  قال الوافد: كيف يهنانا العيش في هذه الدنيا وهذه أفعالها في أهلها؟
  قال العالم: إنَّ بنانا للخراب، وإنَّ أعمارنا إلى ذهاب، ودهرنا إلى انقلاب.
  الموت يبدد الأحباب، ويفرق الأصحاب.
  الموت ينزل الملوك من القصور والقباب، إلى القبور والتراب.
  كلما عملنا معدود، وعلينا حفظة وشهود.
  أعمالنا محفوظة، وأنفاسنا مقبوضة، وسيئاتنا علينا معروضة.
  لنا من كأس الموت شراب، ولا نأمن من بعده سُوء العذاب، طوبى لمن له في الطاعة اكتساب، حتى ينال في الآخرة الثواب، الويل لمن له العتاب، والحساب والعذاب، والموت يدخل كل باب، من أخرجه الموت من داره لم يكن له إياب.
  غفلنا عن اكتساب الخيرات، ولم نستعد للممات، ولا بد لنا من الحساب، ولا بد لنا من العرض على الملك الوهاب.
  ما أغفلنا عن الآخرة! ما أغفلنا عن الورود في الساهرة!
  غفلنا عن الانتحاب، غفلنا عن الاكتساب.
  غفلنا عن الآزفة، غفلنا عن الواقعة، غفلنا عن القارعة.
  لم نكثر الندامة، لم نذكر القيامة، لم نخف الظلامة.
  يا من بارز الله في السر والحجاب، وغلَّق عليه الأبواب، أتظن أن ذلك يخفى على الملك الوهاب؟! إنك في دينك مصاب، إن العاصي يسقى في النار من الحميم المذاب، هل معك لمالك خازن النار جواب؟ أم لك عنده خطاب؟ أترجو من غير الطاعة الثواب؟ ما أسوأ حالك عند البعث والحساب!
  ما أغفلنا عن الرحلة! ما أغفلنا عن الزلزلة! ما أغفلنا عن الصيحة!
  ما أجرأنا على الخالق! ما أكفرنا للرازق! يا ويل كل منافق.
  إنَّا راحلون، إنَّا مسؤلون، إنَّا موقوفون، إنَّا مهانون.