[من هو الراغب؟]
  إنَّا على سفر، بين أيدينا خطر، ما لنا لا نحذر؟ هل لنا من مفر؟ لا ملجأ من الله ولا وزر، إلى الله المستقر.
  العاقل من ترك ما يهوى لما يخشى.
  قال الشاعر:
  سبحان ذي الملكوت ربي ليلة ... محضت بوجه صباح يوم الموقفِ
  لو أن عينًا أوهمتنا نفسها ... أن العذاب(١) مُصَوَّرٌ لم تَطْرُفِ
  حُتِم الفناءُ على البرية كلها ... فالناس بين مُقَدَّمٍ ومُخَلَّف
[من هو الراغب؟]
  قال الوافد: صف لي الراغب.
  قال العالم: قَلَّ الراغب، وتُرِك الواجب، ما لله طالب، ولا لعذابه راهب، ولا في ثوابه راغب، ولا عن الذنوب تائب، ولا إلى التوبة منيب آيب، ولا فتىً نفسُه لله واهب، بل مدع كاذب، تارك للحق مجانب، معانق للخلائق مواظب، جاذب(٢) للدنيا مجالب، مهمل للسنَّة والواجب.
  إن البكاء على أمثالنا واجب، قبل الوقوع في العذاب الواصب، بين الحيات والعقارب.
  نفس من الباب طريد، وقلب من النشاط شديد، وعمل من الْمُرِيد بعيد، كأن الفؤاد حجر أو حديد.
  أيها القلب الشديد أما يكفيك الزجر والتهديد؟ أما سمعت الوعد والوعيد؟
  نهارك عطلة، وليلك غبطة، ودهرك مهلة، ليس لك عن الجهل نقلة، أيُّ عذرٍ لك غداً أو أي علةٍ؟ إلى متى العمل والزلة؟ والمودة في غير الله والخلة، أما تخاف
(١) ما في المعاد. (خ).
(٢) مشغوف بالدنيا طالب صح. (خ)