[وصف هيئة التائب]
  فأنت عندي بمحل الرضا ... وقد غفرنا لك كل الزلل(١)
  وقال آخر:
  إذا لم تصن عرْضاً ولم تخشَ خالقاً ... ولم ترض مخلوقاً فما شئت فاصنع
  وقال غيره:
  إذا أمسى وسادي من تراب ... وبت مجاور الرب الرحيم
  فهنأني أصيحابي وقالوا ... لك البشرى قدمت على كريم
[وصف هيئة التائب]
  قال الوافد: صف لي هيئة التائب.
  قال العالم: هيئة التائب العزم على ألاَّ يعود إلى عصيان المعبود، ويتأسف على ما اقترف، ويندم على ما أسلف، ويرجع مما عرف.
  يندم بالقلب، على ما قدم من الذنب، يرجع إلى اليقين، ويبكي ويستكين، يكثر الصوم، ويقل النوم.
  فهو مشفق من عصيانه، مطرق بين إخوانه، ظاهر خشوعه، متبادر دموعه، منقطع كلامه، قليل منامه، دائم كربه، مستهام قلبه، يسير أكله، كثير شغله، صحيح قوله لا ينقض عهده، ولا يخلف وعده، ولا يمنع رفده يطلب خلاصه، ويعرف انتقاصه إن طلبته وجدته في فكرته، وإن سألته يخاطبك بعَبْرته.
  لا تسكن حرقته، ولا تزول رقته، ولا تكف دمعته.
  من رآه انتبه من غفلته، ومن جالسه تاب من زلته، فهو حقير عند نفسه، غريب في أهل جنسه، كريم على ربه، نادم على ذنبه، ملتمس لما به، طامع في ثوابه، رافض لأسبابه، باك على سيئاته.
(١) ما أثبتناه من تصحيح في الأبيات من مجموع الإمام القاسم المطبوع.