المنهج الأقوم في الرفع والضم،

مجد الدين بن محمد المؤيدي (المتوفى: 1428 هـ)

[رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام]

صفحة 29 - الجزء 1

  وَأَمَّا التَّعَلُّلُ بِكَوْنِهِ شِعَارَ الْمُخَالِفِين⁣(⁣١): فَكَيْفَ تُتْرَكُ السُّنَّةُ حَتَّى تَصِيْرَ شِعَارَ الْمُخَالِفِينَ؟! فَمَتَى ثَبَتَتِ السُّنَّةُ عُمِلَ بها، وَإِنْ فَعَلَهَا مَنْ فَعَلَهَا.

  وَلَا عِبْرَةَ بِاسْتِنْكَارِ الْجَهَلَةِ العَمِين، عَلَى أَنَّهُ يَزُولُ بِفِعْلِ العُلَمَاءِ العَامِلِين.

  وَلَا حُجَّةَ فِي تَرْكِ بَعْضِ العُلَمَاءِ الْمُتَأخِّرِينَ، وَمُبَالَغَتِهِم بِالاِسْتِدْلَالِ بِمَا لَا حُجَّةَ فِيْهِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا بِهِ قَبْلَهُمْ أَعْلَمُ مِنْهُمْ وَأَفْضَلُ.

  وَالْعَجَبُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِم⁣(⁣٢): يُتْرَكُ وَإِنْ صَحَّ؛ تَقْوِيَةً لِلْمَذْهَبِ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيْحٍ، بَلْ فِيْهِ تَضْعِيْفٌ لَهُ، وعَلَى فَرْضِ ذَلِكَ فَيُقَالُ: وَأَيْنَ أَوْلَى بِالتَّقْوِيةِ: السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ، أَمِ الْمَذْهَبُ؟!.

  وَحَاشَا أَهْلَ الْمَذْهَبِ أَنْ يُرِيْدُوا مِنْ أَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ مَا صَحَّ لَهُ لِأَجْلِهِ. فَهَذِهِ زَلَّةٌ يَجِبُ أَنْ تُسْتَرَ وَلَا تَظْهَر.

  وَلْيُنْظَر لَوْ سَمِعْنَا مِنَ الْمُخَالِفِيْنَ أَنَّهُم يَتْرُكُونَ الْجَهْرَ بِ ، وَالتَّأْذِيْنَ بِحَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ مَعَ صِحَّةِ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ، أَمَا نُسَارِعُ إِلَى مَقْتِهِمْ؟.

  وَلَا سَوَاءَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا يُخْشَى مِنْ فِعْلِهِ مَفْسَدَةٌ عَظِيْمَةٌ، كَتَرْكِ سَبِّ الآلِهَةِ؛ لِئلَّا يُسَبَّ اللَّهُ تَعَالَى، وَتَرْكِ عِمَارَةِ البَيْتِ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيْمَ؛ لِأَنَّهُم حَدِيْثُوا عَهْدٍ بِشِرْكٍ، فَالقِيَاسُ مِنْ هَذَا فَاسِدُ الاِعْتِبَارِ.

  وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنِ الْمُبَالَغَةُ فِي هَذَا وَغَيْرِهِ إِلَّا لإِحْيَاءِ سُنَّةٍ قَدْ أُمِيْتَتْ، وَأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ مَسْأَلَةً فَرْعِيَّةً فَإِنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا مَسَائِلُ قَطْعِيَّةٌ عَظِيْمَةٌ، وَأَنَّ التَّارِكَ لَهَا لإِظْهَارِ أَنَّهَا لَيْسَتْ سُنَّةً صَحِيْحَةً مَعَ صِحَّتِهَا لَا يَبْعُدُ دُخُولُهُ فِي سِلْكِ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ.


(١) انظر (الروض النضير) (١/ ٤٣٧).

(٢) المصدر السابق.