[رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام]
  وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ سَبَبَ النَّهْي، فَلَا يَصِحُّ مِنَ الْحَكِيمِ أَنْ يَسْتَنْكِرَ مَا قَدْ شَرَعَهُ، وَيُشبِّهَهُ بِأَذْنَابِ الدَّوَابِّ، وَإِنَّما يُرْوَى النَّسْخُ بِبَيَانِ انْتِهَاءِ الْحُكْمِ، كَقَوْلِهِ ÷: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ، أَلَا فَزُوْرُوهَا»(١)، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
  وَلَا شَكَّ فِي كَثْرَةِ الرِّوَايَةِ فِيْهِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الْهَادِي إِلَى الْحَقِّ # كَمَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ #: (قَدْ رُويتْ فِي ذَلِكَ أَخْبَارٌ كَثِيْرَةٌ عَنِ النَّبِيِّ ÷ فِي رَفْعِ اليَدَيْنِ) إلخ.
  وَقَد رَوَى الرَّفْعَ الإِمَامُ الْمُؤَيَّدُ بِالِلَّهِ # فِي (شَرْحِ التَّجْرِيْدِ)(٢) عَنْ أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِيْنَ #، وَغَيْرُهُ.
  وَقَالَ فِي (الْمُنْتَخَبِ) بَعْدَ ذِكْرِ ذَلِكَ الْخَبَرِ(٣): (وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْهُ # أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي خَفْضٍ وَلَا رَفْعٍ فِي الصَّلَاةِ، وَكَانَ # يَحُثُّ وَيَأْمُرُ بِالْسُّكُونِ فَيَقُولُ: «اسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ»، حَتَّى أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى رَجُلٍ يَعْبَثُ بِلِحْيَتِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ»).
  قُلْتُ: قَوْلُهُ: (إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرْفَعُ يَدَيهِ فِي خَفْضٍ وَلَا رَفْعٍ)، الْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الرَّفْعِ الَّذِي عِنْدَ تَكْبِيْرَةِ الإِحْرَامِ، وَهْوَ الرَّفْعُ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، كَمَا رَوَاهُ الإِمَامُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ @ بِقَوْلِهِ: (ثُمَّ لَا يَرْفَعُهُمَا)، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ كَمَا سَيَأْتِي.
(١) رواه الإمام الأعظم زيد بن علي @ في (المجموع) (ص/١٧١)، ورواه الإمام الموفق بالله الحسين بن إسماعيل الجرجاني @ في كتاب (الاعتبار) (ص/٣٤١)، والإمام المؤيد بالله يحيى بن حمزة @ في (الانتصار) (٤/ ٧٣٧)، والإمام المنصور بالله أحمد بن هاشم @ في (السفينة المنجية) (ص/١٤٨).
ورواه الشافعي في (المسند) (ص/٣٦١)، وأحمد بن حنبل في (المسند) (١/ ١٨١) ط: (دار الكتب العلمية)، ومسلم (٢/ ٥٦٠)، والنسائي (٤/ ٦٧)، والترمذي (١٠٥٤) ط: (دار إحياء التراث العربي)، وأبو داود (٣/ ٢١٨)، وابن ماجه، رقم (١٥٧١)، والحاكم في (المستدرك) (١/ ٥٣٠)، والطبراني في (المعجم الصغير) (٢/ ٤٢)، وابن حبان (مج ٢/ ١٦٣)، والحافظ البيهقي في (السنن الكبرى) (٤/ ٧٦)، وغيرهم.
(٢) شرح التجريد (١/ ٥٨٣).
(٣) (المنتخب) للإمام الهادي إلى الحق المبين # (ص/٣٨).