[من طرق الترجيح عند التعارض]
  وَقُلْ لِي بِرَبِّكَ هَلْ يَسُوغُ فِي شَرِيْعَةِ الإِسْلَامِ، وَدِيْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ وَآلَهُ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، أَنْ تَقْبَلَ رِوَايَاتِ مَنْ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَعْرِفَ عَنْهُمْ مَا تَتِمُّ بِهِ الثِّقَةُ بِرِوَايَتِهِم؟! الَّذِينَ مِنْهُمُ الدُّعَاةُ إِلَى النَّارِ بِالنُّصُوصِ الْمُتَوَاتِرَةِ، كَمَا فِي خَبَرِ عَمَّارٍ(١)، حَتَّى رِوَايَةِ (عِمْرَانَ بْنِ حِطَّان) مَادِحِ أَشْقَى هَذِهِ الأُمَّةِ، قَاتِلِ أَمِيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَسَيِّدِ الْمُسْلِمِينَ، وَ (مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ)، الَّذِي فَعَلَ الأَفَاعِيْلَ، الطَّرِيدِ ابْنِ الطَّريدِ، وَهَذَانِ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ(٢)، وَكَرِوَايَةِ (عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ) قَائِدِ الْجُنْدِ، القَاتِلِ لِلْحُسَيْنِ السِّبْطِ، سَيِّدِ شَبَابِ أَهْل الْجَنَّةِ، وَخَامِسِ أَهْلِ الْكِسَاءِ، وَأَيُّ جَرْحٍ أَعْظَمُ مِنْ هِذَا(٣)؟!، وَتَرُدَّ(٤) رِوَايَاتِ أَهْلِ بَيْتِ الرَّسُولِ الأَمِيْنِ، وَأَوْلِيَائِهِم الأَكْرَمِيْن، بِتَخَرُّصَاتٍ وَأَهْوَاءَ، مَنْبَعُهَا دُوَلُ الضَّلَالِ، وَأَبْنَاءُ الدُّنْيَا، وَبِافْتِعَالِ جَرْحٍ لِلاِخْتِلَافِ فِي الْمَذْهَبِ، وَهُمْ مُصَرِّحُونَ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ، وَإِنَّما هُوَ مِنَ الأَعْذَارِ الَّتِي لَا تَنْفُقُ فِي سُوقِ الْمُتَّقِينَ.
  فَانْظُرْ أَيُّهَا الْمُنْصِفُ لِنَفْسِكَ، وَاطَّرِحِ الْهَوَى وَالتَّقْلِيدَ، {وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ}[ص: ٢٦]
  إِنَّ الهَوَى لَهْوَ الهَوَانُ بِعَيْنِهِ ... فَإِذَا رَأَيْتَ هَوًى فَثَمَّ هَوَانُ
(١) قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «ويح عمار، تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار»، الخبر المتواتر، الذي عُدَّ من المعجزات النبوية، وقد تقدمت الإشارةُ إليه فيما سبق.
(٢) أي روى لهما البخاري في (صحيحه)، وَكَحَرِيْزِ بنِ عثمانَ الْحِمْصِيِّ الناصبي الذي كان شديد التحامل على أمير المؤمنين #، ويعلن ببغضه له، ويلعنه في الغداة والعشي، قد روى له البخاري في (صحيحه).
وقد أشبع البحث في هذه المسألة مولانا الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي # في كتابه (لوامع الأنوار)، ففيها بغية الطالبين، ومطلب الباحثين.
(٣) وقد استوفَى المؤلِّف الإمام الحجّة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي # الكلام على هذه الأبحاث المهمة في موسوعته العظيمة (لوامع الأنوار) فليرجع إليه من أراد زيادة فائدة، والله تعالى الموفق.
(٤) عطف على قوله: أن تقبل روايات ...