[حجة المخالفين، والجواب عليها]
  قَالَ صَاحِبُ فُتُوحِ مَكَّةَ(١): أَجْمَعَ أَهْلُ هَؤُلَاءِ الْمَذَاهِبِ عَلَى التَّعَصُّبِ فِي تَرْكِ الأَذَانِ بِحَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ. انْتَهَى(٢).
  وَقَالَ الإِمَامُ الْمَهْدِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ القَاسِمِ الْحُوثِيُّ ® فِي قَوْلِ عُمَرَ -: مَخَافَةَ أَنْ يُثَبِّطَ النَّاسَ عَنِ الْجِهَادِ، وَيَتَّكِلُوا عَلَى الصَّلَاةِ -: (وَهَذَا اجْتِهَادٌ مِنْهُ لَا حُجَّةَ فِيْهِ)، حَتَّى قَالَ:
  وَفِيْمَا ذَكَرْنَاهُ كِفَايَةٌ فِي ثُبُوتِ التَّأْذِيْنِ بِحَيَّ عَلَى خَيْرِ العَمَلِ، وَرِوَايَاتُهُ فِي كُتُبِ أَهْلِ البَيْتِ $ شَاهِرَةٌ ظَاهِرَةٌ.
[حجة المخالفين، والجواب عليها]
  وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُونَ بِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِي ابْتِدَاءِ الأَذَانِ، وَبِقَوْلِ زَيْنِ العَابِدِيْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ @: (هُوَ الأَذَانُ الأَوَّلُ)، فَأَفَادَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَبِأَمْرِ عُمَرَ بِتَرْكِهِ.
  قُلْنَا: قَدْ ثَبَتَ فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيْحَةِ بِرِوَايَاتِ الْعِتْرَةِ $ وَشِيْعَتِهِمْ وَغَيْرِهِمْ إِمَّا ابْتِدَاءً، أَوْ زِيَادَةً مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ، وَيَجِبُ قَبُولُهَا، كَالزِّيَادَةِ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
  وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ # فَيَعْنِي الأَوَّلَ قَبْلَ أَمْرِ عُمَرَ بِتَرْكِهِ، وَلَوْ أَرَادَ أَنَّهُ قَدْ نُسِخَ لَمَا أَذَّنَ بِهِ.
  وَأَمَّا أَمْرُ عُمَرَ فَإِنَّمَا كَانَ اسْتِصْلَاحًا، وَذَلِكَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، وَلَا يُنْسَخُ حُكْمٌ شَرْعِيُّ بِقَولِ صَحَابِيٍّ، وَإِجْمَاعُ العِتْرَةِ حُجَّةٌ كَمَا ثَبَتَ بِالْقَوَاطِعِ مِنَ الأَدِلَّةِ، وَلَا يَتَأَتَّى إِجْمَاعُهُم عَلَى خِلَافِ الْمَشْرُوعِ، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ مَا كَانَ عَلَيْهِ جَدُّهُم
(١) هو من مشائخ الصوفية. تمت من (الاعتصام) للإمام المنصور بالله القاسم بن محمد @ (١/ ٣١٠)، ومن تخريج مجموع الإمام زيد بن علي @.
(٢) (الاعتصام) (١/ ٣٠٧).