[خاتمة]
  لربهم سجداً وقياماً، ويقولوا للناس حسناً، يا بن مسعود والذي بعثني بالحق إن هؤلاء [هم] الصابرون يا بن مسعود من شرح الله صدره [للإسلام] فهو على نور من ربه النور إذا وقع في القلب انشرح وانفسح، وعلامته التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزول الموت يا بن مسعود من زهد في الدنيا قصر فيها أمله، وتركها لأهلها.
  قال الله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا}[الملك: ٢] أي أزهد في الدنيا واتركها فإنها دار غرور ودار من لا دار له ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له، يا بن مسعود أحقر الناس من طلب الدنيا قال الله ø: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ} إلى قوله: {عَذَابٌ شَدِيدٌ}[الحديد: ٢٠] قال الله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}[مريم: ١٢] يعني الزهد في الدنيا قال الله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الأُْولَى ١٨ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى}[الأعلى: ١٨ - ١٩] قال تعالى لموسى # لم يتزين المتزينون بزينة أحسن ولا أحب إليَّ بمثل الزهد، وقال: يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلاً فقل مرحباً بشعار الصالحين وإذا رأيت الغنى مقبلاً فقل ذنب عجلت عقوبته.
  يا بن مسعود من اشتاق إلى الجنة سلى عن الشهوات ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات، ومن ترقب الموت سارع إلى الخيرات.
  يا بن مسعود إن موسى المصطفى بالكلام والنجوى، رأى خضرة البقل من شقاق بطنه ومن هزاله، وما سأل ربه ø حين تولى من الظل إلى طعاماً يأكله من جوعه.