كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب التثنية

صفحة 100 - الجزء 1

  {أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ}⁣(⁣١) بفتح النون⁣(⁣٢)، على لغة من⁣(⁣٣) قال:

  ... والعينانا⁣(⁣٤)

  وذلك، لأن الحركة في النون، لالتقاء الساكنين، فقد يكون الكسر، وقد يكون الفتح، لأن قبله ألفا.

  [قال أبو الفتح]: وتسقط النون عند الإضافة، كقولك: جاءني غلاما زيد، إنما سقطت النون مع الإضافة، لقيامها مقام التنوين. والتنوين، والإضافة لا يجتمعان. فكذا ما خلفه، وقام مقامه.

  [قلت]: كان من الواجب أن لا تسقط النون عند الإضافة، لأن النون بدل من الحركة، والتنوين. فإن كانت التنوين تسقط مع الإضافة، فالحركة لا تسقط معها، وذلك، كما زعمت.

  ولكن لما ترددت النون بين الحركة والتنوين، أثبتت مع الألف، واللام، مراعاة لجانب الحركة وحذفت مع الإضافة [٢٠ / ب] مراعاة، لجانب التنوين. ولم يكن الأمر، على العكس من هذا، لأن في ذلك، جمعا، بين النون، والمضاف إليه. وفيما فعلوا، الاسم يفصل بين الألف، واللام، وبين النون.

  [قال أبو الفتح]: والمؤنث كالمذكر، في التثنية. إنما ذكر هذا، لأنهما يختلفان في الجمع. ألا ترى أن جمع المؤنث، مخالف لجمع المذكر.

  [قلت]: الجمع على ضربين: جمع تصحيح، وجمع تكسير. فجمع التصحيح: ما سلم فيه نظم الواحد، وبناؤه، وهو على ضربين: جمع تذكير، وجمع تأنيث. فأما جمع التذكير، فنحو قولك: زيد، والزيدون، وعمرو، والعمرون. هذا يسمى جمع التصحيح، لأن حركات الواحد، وسكناته، سلمت فيه، من غير تغيير، ولا تبديل، ويسمى: الجمع على حد التثنية، لأنه، كما سلم في التثنية، لفظ المفرد، سلم في الجمع. ويسمى: الجمع على الجزءين، لأنه يدور على الواو، والياء، وهما من حروف الهجاء. وقد ذكرنا، لم كان بالواو، والياء، في باب التثنية. وهذا الجمع يختص بالعقلاء. وأبو علي يقول: يختص بأولي العلم. وما أحسن قول أبي علي⁣(⁣٥)، |. ألا ترى أنه


= ٣٥٤ - ٣٥٦، وتهذيب التهذيب ١١: ٥١ - ٥٤.

(١) ٤٦: سورة الأحقاف ١٧.

(٢) وهي، كذلك قراءة: أبي عمرو، وشيبة، وأبي جعفر، وعبد الوارث، وهارون بن موسى، والجحدري، والحسن. الكشاف ٣: ٥٢٢، وتفسير الرازي ٢٨: ٢٤، والبحر المحيط ٨: ٦٢.

(٣) وهم: بنو الحارث بن كعب. ينظر: الخزانة ٧: ٤٥٢.

(٤) من الرجز، لرجل من بني ضبة، وتمامه:

أحب منها الأنف ...

وهو بهذه النسبة في الخزانة ٧: ٤٥٢، ٤٥٣، ٤٥٧.

وبلا نسبة في: الجمل ١: ١٥٠، وابن عقيل ١: ٧١.

(٥) المقتصد ١: ١٩٢، وفيه: (جمع السلامة: هو الجمع الذي على حد التثنية .... ويكون في الأمر العام لأولي العلم.).