كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب كان وأخواتها

صفحة 145 - الجزء 1

  [٤٣ / ب] وكلام الله، لا يحمل على الضرورة. والكلام في هذا طويل. أعني في هذه الآية.

  وهو أيضا، من جملة الأشياء المأخوذة، على أبي إسحاق. ولا يتجه أخذه عليه، لأن آية، وإن كان نكرة، فقد تخصص بقوله: (لهم). إذ كان (لهم): صفة للآية. والنكرة الموصوفة، بمنزلة المعرفة.

  ومما جاء من ذلك أيضا، في الشعر، [قول الشاعر]:

  ٩٣ - إذا متّ، كان الناس: نصفان: شامت ... وآخر: مثن بالذي كنت أصنع⁣(⁣١)

  ففي كان ضمير الشأن مرفوع به. والناس: مبتدأ. ونصفان: خبره. والجملة خبر كان، تفسير للأمر، والشأن. [ومنه قول الآخر]:

  ٩٤ - هي الشّفاء لدائي، لو ظفرت بها ... وليس منها شفاء الدّاء مبذول⁣(⁣٢)

  ففي: ليس، ضمير الشأن. وشفاء الداء: مبتدأ. ومبذول: خبره. والجملة: تفسير الأمر، والشأن. وقال تعالى: {مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ}⁣(⁣٣) قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ⁣(⁣٤). ففي كاد ضمير الأمر، والشأن. وتزيغ قلوب فريق منهم: جملة فعلية، في موضع خبر كاد، تفسير للأمر، والشأن. وزعم المبرد⁣(⁣٥): أن قوله: قلوب فريق منهم: مرتفع بكاد، وتزيغ: خبره، فهو مقدم مؤخر. ولو كان، كما زعم، لكان: كادت، كما جاءت تزيغ. وإن قال: فقد قرئ: يزيغ، فإن فاعله بعده، لا يلتبس. وهذا يلتبس. ومثل الآية [قول الشاعر]:

  ٩٥ - فأصبحوا، والنّوى عالي معرّسهم ... وليس كلّ النّوى، يلقي المساكين⁣(⁣٦)

  أي: ليس الأمر، والشأن يلقي المساكين كل النوى. وعلى هذا [قول الآخر]:

  ٩٦ - ... ... ليس يحيك الملام في همم⁣(⁣٧)

  أي: ليس الأمر، والشأن يحيك الملام. فالملام: مرتفع بيحيك. فهذا في باب المبتدأ، وكان.

  فأما في باب: إنّ، فقد قال عز، وجل: {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً}⁣(⁣٨). أي: إن الأمر، والشأن.


(١) البيت من الطويل، للعجير السلولي في: الأغاني ١٣: ٥٨، وفيه: نصفين، بدل: نصفان، وعلى هذه الرواية فلا شاهد فيه، والتحصيل ٩٠، وبلا نسبة في: الكتاب ١: ٧١، وابن يعيش ١: ٧٧.

(٢) البيت من الطويل، لهشام بن عقبة، أخي ذي الرمة، في: الكتاب ١: ٧١، ١٤٧، والتحصيل ٩٠. وبلا نسبة في: المقتضب ٤: ١٠١، وابن يعيش ٣: ١١٦.

(٣) قرأ: حمزة، وحفص عن عاصم (يزيغ) بالياء. وقرأ بالتاء: الكسائي، وابن عامر، وابن كثير، ونافع، وعاصم، وشعبة، وخلف، ويعقوب، وأبو جعفر. السبعة ٣١٩، وحجة القراءات ٣٢٥، وإعراب القرآن - للنحاس ٢: ٤٤، والتيسير ١٢٠، وتفسير التبيان ٥: ٣١٣، والكشف - للقيسي ١: ٥١٠، ومجمع البيان ٥: ٧٨، والبحر المحيط ٥: ١٠٩، والنشر ٢: ٢٨١، وإتحاف الفضلاء ٢٤٥، وغيث النفع ١٥٣.

(٤) ٩: سورة التوبة ١١٧.

(٥) في المقتضب ٣: ٧٥، وفيه: (فلا تذكر خبرها إلا فعلا، لأنها لمقاربة الفعل في ذاته).

(٦) البيت من البسيط. لحميد بن مالك الأرقط، في: الكتاب ١: ٧٠، ١٤٧، والتحصيل ٩٠، والخزانة ٩: ٢٧٠، وبلا نسبة في: المقتضب ٤: ١٠٠، وابن يعيش ٧: ١٤٠، وابن عقيل ١: ٢٨٤.

(٧) البيت من الخفيف، لم أهتد إلى قائله.

(٨) ٢٠: سورة طه ٧٤.