باب كان وأخواتها
  وقال: {فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ}(١). أي: إن القصة. وقال: {إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ}(٢). أي: إن القصة. وقد جاء حذف هذا الضمير في باب إن [في قول الشاعر]:
  ٩٧ - إنّ من لام في بني بنت [٤٤ / أ] (م) ... حسّان ألمه، وأعصه في الخطوب(٣)
  أي: إنه من لام. ولا يجوز أن تنصب من ب (إنّ)، لأنه جزم الجواب، وهو: ألمه. ولا يعمل في الشرط، ما قبله.
  وفي باب: ظننت، قد جاء [قول الشاعر]:
  ٩٨ - أكنيه حين أناديه، لأكرمه ... ولا ألقبه. والسّوءة اللقب ...
  كذاك أدّبت، حتى صار من خلقي ... أنّي وجدتّ ملاك الشّيمة: الأدب(٤)
  أي: إني وجدته. أي: إني وجدت الأمر، والشأن فملاك الشيمة: مبتدأ. والأدب: خبره.
  والجملة تفسير الأمر، والشأن المحذوف في وجدت.
  [فإن قلت]: فهل حذف هذا الضمير جائز في حال السعة، والاختيار، أم يختص ذلك بضرورة الشعر؟
  [قلت]: زعم(٥) أنه يختص بضرورة الشعر، دون حال السعة، والاختيار. والعلة فيه: أن باب (إنّ) مشبه بالفعل، في نصب ما بعده، ورفعه، وليس بفعل على الحقيقة، فلا يتصرف فيه. بحذف المشبه بالمفعول، لضعفه. كذا قال [الخليل](٦). فحذف الخبر قد جاء، أعني خبر (إنّ) في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ}(٧) و {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جاءَهُمْ}(٨). وفيما روي أن المهاجرين قالوا للنبي، #، إن الأنصار قد فضلونا، وآوونا، وفعلوا وفعلوا. فقال النبي #: (أو لستم تعرفون ذلك؟! فقالوا: بلى، يا رسول الله. قال: فإن ذلك)(٩). ولم
(١) ٢٢: سورة الحج ٤٦.
(٢) ٣١: سورة لقمان ١٦.
(٣) البيت من الخفيف، للأعشى، في ديوانه ٣٣٥، وصدره فيه:
من يلمني على ابنة ... ...
وعلى هذه الرواية لا شاهد فيه.
والكتاب ٣: ٧٢، والتحصيل ٤٠٨، والإنصاف ١: ١٨٠، والخزانة ٥: ٤٥٠، ٤٢١، ٩: ٧٥، ١٣٩، ١٠: ٤٣٠، ٤٤٨، ٤٥٠، ١١: ٢٣٠.
وبلا نسبة في: الجمل ١: ٤٢٧، ٤٤٢، ٤٧٠، وابن يعيش ٣: ١١٥، والمغني ٢: ٦٠٥.
(٤) البيتان من البسيط عزاهما أبو تمام في حماسته لبعض الفزاريين. ديوان الحماسة ٢: ١٨، وجاءت الرواية بنصب القافية، وعلى هذه الرواية فلا شاهد فيه، وهو بهذه النسبة في الخزانة ٩: ١٣٩.
وبلا نسبة في: الجمل ١: ٣١٤، وابن عقيل ١: ٤٣٧، وهمع الهوامع ٢: ٢٢٩.
(٥) أي: سيبويه، الكتاب: ٦٩، ٧٠، ٣: ١٣٤.
(٦) الكتاب ٢: ١٣١ وفيه: (زعم الخليل ... أنها لا تصرف تصرف الأفعال، ولا يضمر فيها المرفوع كما يضمر في كان).
(٧) ٢٢: سورة الحج ٢٥.
(٨) ٤١: سورة فصلت ٤١.
(٩) النهاية في غريب الحديث والأثر ١: ٧٧.