كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب إن وأخواتها

صفحة 160 - الجزء 1

  بانفراده لا يفيد. فإذا انضم إليه شيء آخر، أفاد. فجاز: (إن الذين تدعون من دون الله عبادا أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم) لما ذكر [٥٠ / ب] {فَلْيَسْتَجِيبُوا}، أفاد. ولو قال: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ}⁣(⁣١) ولم يذكر (فليستجيبوا) لم يكن ليجوز.

  [فإن قلت]: فكيف يكون: (فادعوهم) خبرا، وهو أمر، فإنه [كقول الشاعر]:

  ١٢٢ - ولو أصابت، لقالت، وهي صادقة ... إنّ الرّياضة، لا تنصبك للشّيب⁣(⁣٢)

  [قلت]: فقد زعم في قوله:

  ١٢٣ - وقائلة: خولان، فانكح فتاتهم ... وأكرومة الحيّين، خلو كما هيا⁣(⁣٣)

  أنّ خولان: رفع بهذه مضمرة. ولم يرتفع بالابتداء، على أن يكون الخبر (فانكح)، لأن الفاء تمنع من ذا، فكيف جاز أن يكون {فَادْعُوهُمْ}: خبر {إِنَّ الَّذِينَ}؟. ذلك جاء، لما تضمن الاسم معنى الشرط، والجزاء. وإذا كان قد جاء: {شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} إلى أن قال: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ}⁣(⁣٤). وقوله: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ}⁣(⁣٥) مع أن الاسم غير موصول، وإنما كان وصفه موصولا، فجاء الفاء، لما عد الوصف كالجزء، من الموصوف، وإن كان الوصف غير لازم للاسم لزوم الشرط. ألا ترى أنك مخير بين وصف الاسم وتركه، ومع ذلك جاءت الفاء، فما ظنك إذا كان الاسم هو الموصول؟ [فإن قلت]: فكيف وجه قوله:

  ١٢٤ - أرواح مودّع، أم بكور ... أنت، فانظر لأيّ ذاك تصير⁣(⁣٦)

  فإنّ (أنت) هاهنا مرتفع بالمصدر. فكأنه قال: أتروح أم تبكر أنت. فليس بإسناد فانظر إليه. ويجوز أن يرتفع على أن يكون: أرواح، بمعنى [الفعل]⁣(⁣٧) كأنه أرائح أم باكر أنت.

  ويجوز أن يرتفع على تقدير: أذو رواح، وبكور أنت.


(١) ٧: سورة الأعراف ١٩٤.

(٢) البيت من البسيط، للجميح الأسدي، في: المفضليات ٣٤، والخزانة ١٠: ٢٤٦، ٢٤٧، وفيها: لو أرادت.

وبلا نسبة في الجمل ١: ٤٢٨.

(٣) البيت من الطويل، بلا نسبة في: الكتاب ١: ١٣٩، ١٤٣، ٣: ١٧٨، والتحصيل ١١٩، ومعاني القرآن - للأخفش ١: ٧٦، ٨٠، والمقتصد ١: ٣١١، وابن يعيش ١: ١٠٠، ٨: ٩٥، والمغني ١: ٢٧١، ٢: ٤٨٣، واللسان (خلا) ١٤: ٢٣٩، وشفاء العليل ١: ٣٠٢، والخزانة ١: ٣١٥، ٤٥٥، ٤: ٣٦٩ (ه)، ٨: ١٩، ١١: ٣٦٧.

(٤) ٢: سورة البقرة ١٨٥.

(٥) ٦٢: سورة الجمعة ٨.

(٦) البيت من الخفيف، لعدي بن زيد العبادي. وروي عجزه:

... لك فاعلم لأي حال تصير

وهو في: ديوانه ٨٤، والكتاب ١: ١٤٠، والتحصيل ١٢٠، والخصائص ١: ١٣٢، والأغاني ٢: ١٥٢، واللسان (مغن)، والخزانة ١: ٣١٥.

(٧) الأصل غير واضح.