كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب المفعول المطلق، وهو المصدر

صفحة 176 - الجزء 1

  أصحابنا فيه. فمنهم من قال: إنه منصوب بنفس (قعد) كما أن القيام الذي تعلم منصوب، بنفس (قمت). ومنهم من قال: إن القرفصاء، صفة مصدر مضمر، أي: قعد القعدة القرفصاء، فحذف الموصوف، وأقيمت صفته مقامه، كما تقول: أعطيته جزيلا، أي: عطاءا جزيلا. وكما قال تعالى: {وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً} (١٢)⁣(⁣١) ثم قال: {وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها}⁣(⁣٢) أي: وجنة دانية عليهم ظلالها. وقال تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ}⁣(⁣٣) أي قوم: يحرفون الكلم. وإن قدّرت: من الذين هادوا من يحرفون الكلم، ف (من) موصوف، وليس بموصول، لأن الموصولة لا تحذف. وقد جاء: {وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ}⁣(⁣٤) أي: وما أنتم بمعجزين من في الأرض ولا من في السماء. فحذف الموصوف، وأقيمت صفته مقامه. وقد جاء حذف الصفة، وهو قليل. قال تعالى: {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ}⁣(⁣٥) ولم يقل: من أمّ.

  [قال الشاعر]:

  ١٤٧ - لو قلت: ما في قومها، لم تيثم ... يفضلها في حسب، وميسم⁣(⁣٦)

  أي: ما في قومها أحد يفضلها، فحذف.

  [وقال آخر]:

  ١٤٨ - أتنتهون؟ ولن ينهى ذوي شطط ... كالطّعن يذهب فيه: الزّيت، والفتل⁣(⁣٧)

  فليس على حذف [٥٨ / ب] الموصوف، على تقدير: فلن ينهى ذوي شطط، شيء كالطعن، لأن الفاعل لا يحذف، وإن ألزمت، {وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} (٣٤)⁣(⁣٨) مع قوله: ومن لا يفعل بها في الواجب هذا، فإنه قد قال، وعلى: لا يفعل به هذا.

  [قال الشاعر]:

  ١٤٩ - إنّ الكريم، وأبيك يعتمل ... إن لم يجد يوما على من يتّكل⁣(⁣٩)

  التقدير: إن لم يجد يوما من يتكل عليه. و (على) زائدة. وقد قال ذلك، ف (من) زائدة، وإن قال ذلك. فقولهم: قعد القرفصاء، لهذا حمله على حذف الموصوف، أعني المبرد. ومعنى قولهم:


(١) ٧٦: سورة الإنسان ١٢.

(٢) ٧٦: سورة الإنسان ١٤.

(٣) ٤: سورة النساء ٤٦.

(٤) ٢٩: سورة العنكبوت ٢٢.

(٥) ٤: سورة النساء ١٢.

(٦) من الرجز، نسب إلى حكيم بن معية، وحميد الأرقط. في: معاني القرآن - للفراء ١: ٢٧١، والخزانة ٥: ٦٢، ٦٣، ٦٨.

وبلا نسبة في: الكتاب ٢: ٣٤٥، والتحصيل ٣٦٧، والخصائص ٢: ٣٧٠، وابن يعيش ٣: ٥٩.

(٧) سبق ذكره رقم (٨).

(٨) ٦: سورة الأنعام ٣٤.

(٩) من الرجز، بلا نسبة في: الكتاب ٣: ٨١، والتحصيل ٤١٢، والخصائص ٢: ٣٠٥، والمغني ١: ١٤٤، والعقد ٥: ٣٩٢، واللسان (عمل) ١١: ٤٧٥، وشفاء العليل ٢: ٦٦٥، والخزانة ١٠: ١٤٣.