باب ظرف الزمان
  يكون على ما ذكرنا. أي: فذلك النقر يومئذ. فيكون ذلك عبارة عن المصدر، على طريق أن يكون اليوم يومك. وإن قدرت في (ذلك) أنه إشارة إلى النقر، لا بطريق المجاز الذي ذكرنا من أجل أنّ خبره: يوم عسير، ولكن لأنّ قوله: (نقر) يدل على النقر. فيكون التقدير: فذلك النقر يومئذ نقر يوم عسير.
  فهو وجه حسن. [قال الشاعر]:
  ١٧٢ - وما هي إلّا في إزار، وعلقة ... مغار ابن همّام، على حيّ خثعما(١)
  فإنه كقولهم: مقدم الحاج، أي: وقت قدوم الحاج، ووقت إغارة ابن همام(٢). فحذف الوقت، وأقام (مغارا) مقامه. وليس كما ظنه أبو إسحق(٣)، فرد عليه(٤)، وقال: إنّ مغارا، لو كان زمانا، لم يتعلق به (على حي خثعما) لأن مفعلا، إذا كان زمانا أو مكانا، لم يتعلق به شيء من الظروف، ولا شيء من المنصوبات، فظنّ به(٥) أنه يزعم أنّ مغارا نفس الزمان. وليس الأمر كذا، إنما المضاف محذوف عنده(٦). والمغار: الإغارة.
  هذا، وقد زعم أبو إسحق، في قوله تعالى: {قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللهُ}(٧).
  قال: فنصب (خالدين) على الحال. والعامل فيه (مثوى). بعد أن ذكر أن (مثوى): هو المكان.
  فقد قال في الآية ما رد عليه(٨)، ظنا. ولم يعلم أن الحال، هاهنا، إنما هو من المضاف إليه، كقوله تعالى: {أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ}(٩). ف (مصبحين) حال من (هؤلاء). كما أن (خالدين) حال من الكاف والميم. والعامل معنى الكلام من الإضافة، وامتزاج بعض الكلام ببعض. أو يكون (خالدين): حالا، ويكون المثوى المصدر دون المكان. ويكون التقدير: قال النار مثواكم، أي:
= تعمل فيما قبل الموصوف ... إنما ينتصب (يومئذ) على أنه صلة قوله (فذلك)، لأن (ذلك) كناية عن المصدر ... فيكون التقدير: فذلك النقر في ذلك الوقت نقر يوم عسير).
(١) البيت من الطويل، لحميد بن ثور، في الكتاب ١: ٢٣٥، وللطماح بن عامر، العقيلي، في التاج (علق) ٢٦: ١٩٤.
وبلا نسبة في: المقتضب ٢: ١٢١، والخصائص ٢: ٢٠٨، والمخصص ٤: ٣٥، واللسان (لخص) ٦: ٢٠٥، و (علق) ١٠: ٢٦٢.
العلقة: قميص غير مخيط تلبسه الجارية، للتبذل يصل إلى حجزتها. التاج (علق) ٢٦: ١٩٤.
(٢) هو: الحارث بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان، شاعر جاهلي، وصاحب غارات. ينظر: ديوان الحماسة ١: ٣٨ هامش (٣)، ٣٩، والخزانة ١: ٤٧٣، ٢: ٤٠٦، ٥: ١٠٧، ١١٠ - ١١٢، ٨: ٣٦٩، ٣٧١، ٩: ٥٩١، ١١: ٥.
(٣) أي: الزجاج.
(٤) أي: على سيبويه.
(٥) أي: بسيبويه.
(٦) الكتاب ١: ٢٣٤، وفيه: إذ التقدير: كزمان إغارة ابن همام.
(٧) ٦: سورة الأنعام ١٢٨.
(٨) أي: ما رد الزجاج على نفسه فناقضها، لأنه قال: إنّ مفعلا، زمانا، أو مكانا، لا يتعلق به شيء من المنصوبات.
(٩) ١٥: سورة الحجر ٦٦.