كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب الحال

صفحة 204 - الجزء 1

  يكون قوله: والطلاق عزيمة، اعتراضا بين الصلة، والموصول. فإن هذا قول. والذي بدأنا به أشبه؛ لأن الاعتراض كأنه ليس بالكثير. ثم إنّ الناس من بين مجوز للقياس على ما صنعت وأباك، ومن بين مانع. فالمجوز يحتج بأنه نظير: مررت بزيد، و: رغبت إلى عمرو. والمقتصر على السماع، يزعم: أنه خارج من العادة؛ إذ الواو تكون للعطف، ولا تكون للتعدية. فإن جاء شيء وجب الاقتصار على ما جاء، ولا يتعدى. والله أعلم.

باب الحال

  [قال أبو الفتح]: الحال: وصف هيئة الفاعل، أو المفعول. ولفظها نكرة، تأتي بعد معرفة، قد تم عليها الكلام. وتلك النكرة، هي المعرفة في المعنى⁣(⁣١). وذلك قولك: جاءني زيد، راكبا.

  [قلت]: الناصب للحال، كونه مشابها للمفعول به؛ وذلك؛ لأنه يأتي بعد تمام الفعل والفاعل؛ كما إنّ المفعول كذلك. ولأنه فضلة؛ كما أنّ المفعول فضلة؛ والحال تشبه الظرف من وجه، وتشبه التمييز من وجه. فمن حيث كونه مشابها للظرف، هو أنه: متضمن لمعنى (في).

  وذلك؛ لأنك إذا قلت: جاءني زيد راكبا [٧٣ / أ]، فمعناه: جاءني زيد في حالة الركوب. وتشبه التمييز؛ لأنك، إذا قلت: جاءني زيد؛ فهو كلام مبهم، لا يدري في أية حالة جاء. فلما قلت: راكبا، بينت ذلك، وأزلت الإبهام. كما أنك إذا قلت: عندي عشرون، كان مبهما. فإذا قلت: درهما؛ فقد بان ذلك المعنى.

  وللحال ستّ شرائط:

  الأول: أن يكون بعد تمام الكلام.

  والثاني: أن يكون نكرة.

  والثالث: أن يكون صاحبها معرفة.

  والرابع: أن يكون مشتقا، أو في معنى المشتق.

  والخامس: أن يكون فيه ضمير، أو ما يقوم مقام الضمير.

  والسادس: أن يكون منتقلا. وذلك في أغلب الأحوال.

  فإذا قلت جاءني زيد راكبا؛ انتصب قولك: راكبا، على الحال؛ لأنه جاء بعد تمام الكلام.

  ولو قلت: جاءني زيد، ولم تذكر (راكبا) جاز. وهو نكرة، وصاحبها زيد، وهو معرفة. وراكب.

  مشتق من (ركب) وفيه ضمير، يعود إلى صاحب الحال، وهو منتقل لأنه قد يصير غير راكب.

  وقولي: أو في معنى المشتق؛ مثال قوله ø: {هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً}⁣(⁣٢) ف (آية) عند أبي علي: حال. ومعناه: مبيّنة. وقولي: أو ما يقوم مقام الضمير. أعني به، أنّ الجملة إذا وقعت حالا؛ نحو قولك: جاءني زيد وأبوه قائم؛ ربما يكتفى فيه بالعائد، وربما يكتفى فيه بالواو، وربما


(١) اللمع في العربية ١٣٤.

(٢) ١١: سورة هود ٦٤.