كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب الإضافة

صفحة 238 - الجزء 1

  دخلتها، وسرت أدخلها الآن. ويكون الدخول موجب السير. ولو قلت: سرت حتى أدخلها، بالنصب، فالسير واقع، والدخول لم يقع. فالرفع في: (حتى يقول الرسول)، إنما هو على المضي.

  أي: وزلزلوا حتى قال الرسول. ويكون على المعنى الآخر، على حكاية الحال، أي: وزلزلوا حتى بلغ حال الرسول إلى هذا. فأبدا لا يخلو ما بعد حتى عما ذكرنا. وتقول: سرت حتى تطلع الشمس، بالنصب، لا غير، لأن طلوع الشمس، ليس موجب السير. [وتقول] سرت حتى أدخلها، بالرفع، وتطلع الشمس. لم يجز إلا رفع (تطلع). ترفع (تطلع) عطفا على قوله: أدخلها.

  فإن قلت: حتى أدخلها، وحتى تطلع الشمس، جاز نصبه لظهور (حتى) الدالة على (أن) المضمرة. ولو قلت: ما سار زيد حتى يدخلها، بالرفع، لم يجز عندنا، لأن السير لم يقع، فلا بد من نصب ما بعد (حتى).

  والأخفش⁣(⁣١) يجيز الرفع، ويحمل النفي على الإثبات. وليس بالصواب، لأن النفي يخالف الإثبات، فلا يقاس عليه. فإن قلت: أين سار زيد حتى يدخلها، جاز الرفع، لأن السير واقع. ولو قلت: أسار حتى يدخلها، لم يجز الرفع، لأن [٩١ / ب] السير غير واقع. ولو قلت: [قلما]⁣(⁣٢) سرت حتى أدخلها، لم يجز بالرفع، لأن (قلما) نفي، بدليل قولك: قل رجل يقول ذاك إلا زيد.

  ولو قلت: إنما سرت حتى أدخلها، جاز الرفع، لأنه سير محقق. ولو حملت إنما على النفي، والإثبات، كأنك قلت: ما سرت إلا لهذا، كان نفيا. ولو قلت: كان سيري حتى أدخلها، وكانت (كان) ناقصة، لم يجز رفع ما بعد (حتى) لأنه يبقى (كان) بلا خبر. وإنما يبقى (كان) بلا خبر، لأنها إذا رفع (أدخلها) آذن بتمام الكلام قبله، فلا يكون خبرا لكان. فإن كان (كانت) تامة، جاز رفع: يدخلها، لأن السير أوجبه. ولو قلت: كان سيري أمس حتى أدخلها، وجعلت (أمس) خبر (كان) جاز الرفع. ولو علقته بنفس سيري، كان فيه التفصيل من النقصان، والتمام. فاعرف هذا، فإنه مشكل، ولا يعرفه إلا من أخذه من أفواه الرجال.

باب الإضافة

  [قال أبو الفتح]: وهي، في الكلام، على ضربين: أحدهما: ضم اسم إلى اسم، هو غيره، بمعنى اللام. والآخر: ضم اسم إلى اسم، هو بعضه، بمعنى (من). الأول منهما نحو قولك: هذا غلام زيد، أي: غلام له. وهذه دار عبد الله، أي دار له. والثاني نحو قولك: هذا ثوب خز، أي ثوب من خزّ. وهذه جبة صوف، أي: جبة من صوف.

  [قلت]: الإضافة، كما ذكر، قسمان: أحدهما: بمعنى اللام، يكون الأول غير الثاني. والآخر: بمعنى (من) يكون الأول بعض الثاني، ويقع عليه اسم الثاني. فالأول على ضربين: أحدهما، أن تكون فيه الإضافة محضة. والآخر: غير محضة. فالأول أيضا، قسمان: أحدهما: أن يكون المضاف غير ظرف. والآخر: ظرف. فالأول: قولك: غلام زيد. والتقدير: غلام لزيد. فحذف التنوين،


(١) المغني ١: ١٢٦. وفيه: (أجاز الأخفش الرفع بعد النفي على أن يكون أصل الكلام إيجابا).

(٢) في الأصل: قل ما.