كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب الإضافة

صفحة 241 - الجزء 1

  الألف، واللام على (الحسن) صح، وجاز، لأن الإضافة غير محضة. والدليل على أن في قولك: حسن الوجه، ضميرا، أنك لو قلت: مررت برجل حسن الوجه أبوه، فترفع (الأب) ب (حسن) صح، وجاز. وإذا ارتفع به الظاهر، كان الضمير فيه مرفوعا، إذ لم تذكر الظاهر. وكذلك، لو قلت: مررت بامرأة حسنة الوجه، أنثت (حسنة) لأن فيه ضميرا يعود إلى الأول فيجوز في قولك: مررت برجل حسن وجهه، عشرة أوجه:

  [أحدها]: هذا، وهو رفع الوجه ب (حسن) مضافا إلى ضمير الرجل.

  [الثاني]: مررت برجل حسن الوجه، فتجعل في (حسن) ضميرا، وتضيفه إلى الوجه.

  [الثالث]: مررت برجل حسن وجه، فتنكر (الوجه).

  [الرابع]: مررت برجل حسن وجها، فتنصب (وجها) على التمييز، والتشبيه بالمفعول.

  [الخامس]: مررت برجل حسن الوجه، فتنصب (الوجه) تشبيها بالمفعول.

  [السادس]: مررت برجل حسن الوجه، فترفع (الوجه) عندنا، لأنه بدل من الضمير، في (حسن) وقال الكوفي: ترفع الوجه ب (حسن) وتقدر الضمير، كأنك، قلت: مررت برجل حسن الوجه منه، فحذفت (منه). أو يكون الألف، واللام قائما مقام الضمير، كما [قال الشاعر]:

  ٢٣٧ - لحافي لحاف الضّيف، والبيت بيته ... ... (⁣١)

  أي: وبيتي بيته. فقوله ø: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ} (٥٠)⁣(⁣٢)، يرتفع (الأبواب) عندنا، لأنه بدل من الضمير في (مفتحة) وعندهم على التقديرين المتقدمين. أي: الأبواب منها، أو: يكون أبوابها. فأقام اللام مقام الضمير.

  [السابع]: مررت برجل حسن وجهه، فتضيف (حسنا) إلى الوجه، ثم تضيف (وجها) إلى ضميره. هذا جائز عند سيبويه⁣(⁣٣). وأنكره جميع النحويين. والقول قول سيبويه، بدلالة قول [الشاعر]:

  ٢٣٨ - أمن دمنتين، عرّس الرّكب فيهما ... بحقل الرّخامى، قد عفا طللاهما

  أقام على ربعيهما، جارتا صفا ... كميتا الأعالي، جونتا مصطلاهما⁣(⁣٤)

  فقوله: جارتا صفا: فاعل أقام. وقوله: كميتا الأعالي: صفة لهما. وقوله: [٩٣ / ب] جونتا مصطلاهما: حقه، على قول النحويين: جونتا المصطلى. كما تقول: رجلان حسنا الوجه. لكن جاء (جونتا) مضافا إلى (مصطلى). ثم أضاف (مصطلى) إلى (الجارتين). وإن زعمت أن الضمير يعود إلى الأعالي، لأن المعنى: كميتا الأعليين، فوضع (الأعالي) موضع (الأعليين)، فلا يقال: كميتا الأعالي: جونتا مصطلى الأعالي، لأن ذلك فاسد في المعنى دون اللفظ.


(١) صدر بيت من الطويل، لم أهتد إلى قائله.

(٢) ٣٨: سورة ص ٥٠.

(٣) الكتاب ١: ١٩٩، وينظر هامش: (١)، والجمل ١: ٥٧٤.

(٤) البيتان من الطويل، للشماخ، في: ديوانه ٨٦، والكتاب ١: ١٩٩، والتحصيل ١٦٠، وأمالي المرتضى ٢: ٣٠، والخزانة ٤: ٢٩٣، ٨: ٢٢٠، ٢٢٢. وبلا نسبة في: ابن يعيش ٦: ٨٦.