باب الإضافة
  [الأول]: اسم الفاعل، إذا كان بمعنى الحال، أو الاستقبال، إذا أضفته إلى ما بعده، كانت إضافته غير محضة، كقولك: هذا ضارب زيد غدا، وضارب زيد الآن، فهذه الإضافة في تقدير الانفصال. وكأنك، قلت: هذا ضارب [٩٢ / ب] زيدا، ولو لا ذلك لكانت معرفة، ولو كانت معرفة، لم تجر وصفا على النكرة، في نحو قوله تعالى: {هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا}(١)، لأن النكرة، لا توصف بالمعرفة. ولم يجز نصبه على الحال، في نحو قوله، عز، وجل: {ثانِيَ عِطْفِهِ}(٢)، لأن الحال، لا تكون معرفة. ولم تدخل عليه (رب) في نحو [قول الشاعر]:
  ٢٣٦ - يا ربّ غابطنا، لو كان يعرفنا ... لاقى مباعدة منكم، وحرمانا(٣)
  لأن (رب) لا تدخل إلا على النكرة. ولم تدخل عليه الألف، واللام، في نحو قوله تعالى: {وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ}(٤)، لأن الألف، واللام لا تجتمع مع الإضافة. فهذه الأشياء تدل على أنّ الإضافة، في اسم الفاعل الذي معناه الحال، والاستقبال: غير محضة.
  فأما إذا كان اسم الفاعل بمعنى الماضي، فإضافته محضة عندنا، وإعماله فيما بعده ممتنع.
  نحو: هذا ضارب زيد أمس، لو قلت: ضارب زيدا أمس، لم يجز عندنا(٥)، خلافا للكوفي، إلا على حكاية الحال، نحو قوله: {وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ}(٦). فأعمل (باسطا) في (ذراعيه) وهو ماض، لأنه يحكي الحال، كقوله تعالى: {هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ}(٧). والعلة في امتناع إعمال (فاعل) إذا كان ماضيا، وجوازه إذا كان مستقبلا، أو حالا: علة معلومة. وهو: أن الفعل لما أشبه الفاعل، أعرب. ف (الفاعل) أيضا، أعمل، إذا كان بمعنى المضارع. وهذا المعنى معدوم في الماضي. ولأن (يضرب) و (ضاربا) سيان في الحركات، والسكنات. فجاز إعماله، كما جاز إعراب (يضرب).
  [والثاني]: من الإضافة التي ليست بمحضة: الصفة المشبهة باسم الفاعل، نحو قولك: مررت برجل حسن وجهه، إذا أضفت (حسنا) إلى الوجه، فقلت: مررت برجل حسن الوجه. فإضافة (حسن) إلى الوجه، غير محضة. لأن (حسنا) أشبه (الفاعل)، فكما أن (الفاعل) الذي معناه المضارع، إضافته غير محضة، فكذا هاهنا. وأنت إذا قلت: مررت برجل حسن وجهه، جررت (حسنا) صفة لرجل، ورفعت (وجهه)، لأنه فاعل (حسن). وكأنك قلت: مررت برجل يحسن وجهه. وإذا قلت: مررت برجل حسن الوجه، ففي (حسن) ضمير يعود إلى (رجل). [٩٣ / أ] والوجه: جر بالإضافة، وإضافته غير محضة، لأنك لو قلت: مررت بالرجل الحسن الوجه، وإدخال
(١) ٤٦: سورة الأحقاف ٢٤.
(٢) ٢٢: سورة الحج ٩.
(٣) البيت من البسيط لجرير في ديوانه ٥٩٥، والكتاب ١: ٤٢٧، والتحصيل ٢٣٧، والمقتضب ٤: ١٥٠، واللسان (عرض) ٧: ١٧٤.
(٤) ٢٢: سورة الحج ٣٥.
(٥) أي: عند البصريين، فهو لا يعمل إلا في: الحال، والاستقبال. ينظر: الأصول ١: ١٤٨.
(٦) ١٨: سورة الكهف ١٨.
(٧) ٢٨: سورة القصص ١٥.