معرفة ما يتبع الاسم في الإعراب
  ل (الأيام) فكيف جاز هذا، وقد منعتم منه رفع الظاهر به؟!.
  [الجواب]: أنّ الكحل، والصوم، جاز أن يرتفعا ب (أحسن) و (أحب) لأنهما معنيان في الفاعل، فجريا مجرى ضمير الفاعلين، فجاز فيهما ذلك. فأما (أبوه) بعد قولك: أفضل منك، فبخلاف ذلك. ويجوز أن يكون اللفظ، إذا كان بمعنى الأول، له حكم بخلافه إذا لم يكن الأول.
  ألا ترى أنه قال(١): إذا قلت: ما قام إلا زيد إلا عمرا، لم يجز رفع الاسمين جميعا، بل يجب رفع أحدهما، ونصب صاحبه، لأن الفعل لا يعمل في فاعلين إلا بحروف العطف. فلو قلت: ما قام إلا زيد، إلا أبو عبد الله، وأبو عبد الله هو زيد، جاز الرفع، لأنه هو. [قال الشاعر]:
  ٢٤٧ - ما لك من شيخك إلّا عمله ... إلّا رسيمه، وإلّا رمله(٢)
  فكذلك، إذا كان الكحل هو الأول في المعنى، جرى مجرى ضميره.
  [فإن قلت]: فإنه قال في [قول الشاعر]:
  ٢٤٨ - لعمرك، ما معن بتارك حقّه ... ولا منسئ معن، ولا متيسّر(٣)
  أنه لا يجوز جر (منسئ) بالعطف على (تارك حقه). قال: لأنه رفع به (معن) و (معن) [لم](٤) يره قائما مقام ضميره، وإن كان (معن) الثاني هو الأول، فلم يجر الظاهر مجرى المضمر.
  فكيف استجاز: ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد، قياسا على: مررت برجل [٩٩ / ا] أفضل منك.
  [الجواب]: أنّ قولهم: ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد استجيز رفع الكحل ب (أحسن) وإن لم يجز رفع الظاهر ب (أفعل) في: أفضل منك أبوه، لأن (منك) في: أفضل منك، إنما هو بيان المفضول والفاضل، هو الأب، وليس للمفضول في الفضل مع الأب شيء. بخلاف قولك: الكحل، لأن الفاضل هو الكحل، والمفضول أيضا هو الكحل، لكن في موضع آخر. لأنك فضلت الكحل على نفسه في هذا الموضع، من كونه في موضع آخر. وكذلك الصوم، مفضل في أيام ذي الحجة، على نفسه، من فضله في غيرها. فالهاء في قوله: ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد، يعود إلى نفس الكحل. أي: الكحل أحسن منه في هذا الموضع، من كونه في عين زيد. ولا يجوز أن ترفع (أحسن) بالابتداء. و (الكحل) بأنه خبر. لأنك فصلت حينئذ بين (أحسن) وبين ما يتعلق به، وهو (منه) بالخبر. وهذا لا يجوز. وإن قدمت (منه) وقلت: ما رأيت رجلا أحسن في عينه منه الكحل في عين زيد، لم يجز. لأنك ذكرت (منه) وهو الكحل، قبل ذكره.
(١) أي: سيبويه الكتاب ٢: ٣٤١.
(٢) من الرجز، بلا نسبة، في: الكتاب ٢: ٣٤١، والتحصيل ٣٦٦، والجمل ٢: ٢٥٧، وشفاء العليل ١: ٥٠٦.
(٣) سبق ذكره رقم (١٧٠).
(٤) الأصل غير واضح.