باب النكرة والمعرفة
  عن سبيل الله، والمسجد الحرام. كما قال: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ}(١)، فهو معطوف على المجرور ب (عن). وصد: مبتدأ. وكفر به: عطف عليه. وكذا: (إخراج أهله).
  والخبر الأكبر عند الله.
  والوجهان اللذان ذكرهما أبو زكريا(٢)، لا يصح واحد منها، لأنه إذا قال: وصد عن سبيل الله كبير، وكفر به كبير، وإخراج أهله منه أكبر عند الله، فقد زعم أن بعض خلال الكفر أكبر من الكفر نفسه، والأمر بخلاف هذا. وإذا قال: قتال فيه كبير، وصد، وكفر، ثم قال: {وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ} فقد زعم أن هذا أكبر [١١٠ / أ] من القتال، الذي هو كفر. والقتال عينه، ليس بكفر. فإذن صح قولنا.
  [أما قوله]:
  ٢٧٧ - ... ... فما بك، والأيّام، من عجب(٣)
  فضرورة. وهو على إضمار الجار، أي: وبالأيام. [قال الشاعر]:
  ٢٧٨ - أكل امرئ تحسبين امرءا ... ونار توقد، بالليل، نارا(٤)
  أي: وكلّ نار، فأضمر. فليس في البيت لهم حجة. وحمله(٥) قول عمر بن أبي ربيعة:
  ٢٧٩ - قلت، إذ أقبلت، وزهر ... ... (٦)
  على الضرورة، وأنه كان حقه أن يقول: إذ أقبلت هي وزهر، فإن كان هذا ضرورة، فقوله تعالى: {ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا}(٧)، ليس بضرورة. و (لا) لا تعمل شيئا، لمجيئه بعد الواو. وزهر: جمع زهراء، كحمراء، وحمر.
باب النكرة والمعرفة
  [قال أبو الفتح]: فالنكرة: ما لم تخصّ الواحد، من جنسه، نحو: رجل، وغلام. وتعرّف النكرة ب (اللام)، و (ربّ) نحو: الرجل، و: رب رجل، ورب غلام. يعني أن قولك: رجل، نكرة، لأنك تقول: الرجل، فتقبل اللام. وزيد: ليس بنكرة، لأنك لا تقول: الزيد. وكذلك أنواع المعارف. ولأنك تقول: رجل، فتحكم بتنكيره، لأنك لو قلت: ربّ رجل، صلح، وجاز. وقوله:
(١) ٤٨: سورة الفتح ٢٥.
(٢) يعني: الفراء.
(٣) البيت من البسيط، وتمامه:
فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك، والأيام من عجب
وهو بلا نسبة في: الكتاب ٢: ٣٨٣، والتحصيل ٣٣٧، والجمل ١: ٢٤٤، والإنصاف ٢: ٤٦٤، وابن يعيش ٣: ٧٨، والخزانة ٥: ١٢٣، ١٢٤، ١٢٥، ١٢٦، ١٢٨، ١٢٩، ١٣١.
(٤) سبق ذكره رقم (٢٢٧).
(٥) أي: أبو الفتح.
(٦) البيت من الخفيف، وتمامه:
قلت، إذ أقبلت، وزهر تهادى ... كنعاج الملا تعسفن رملا
وهو، في: ديوانه ٤٩٨، واللمع في العربية ١٨٣.
(٧) ٦: سورة الأنعام ١٤٨.