كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب النكرة والمعرفة

صفحة 272 - الجزء 1

  عن سبيل الله، والمسجد الحرام. كما قال: {هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ}⁣(⁣١)، فهو معطوف على المجرور ب (عن). وصد: مبتدأ. وكفر به: عطف عليه. وكذا: (إخراج أهله).

  والخبر الأكبر عند الله.

  والوجهان اللذان ذكرهما أبو زكريا⁣(⁣٢)، لا يصح واحد منها، لأنه إذا قال: وصد عن سبيل الله كبير، وكفر به كبير، وإخراج أهله منه أكبر عند الله، فقد زعم أن بعض خلال الكفر أكبر من الكفر نفسه، والأمر بخلاف هذا. وإذا قال: قتال فيه كبير، وصد، وكفر، ثم قال: {وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ} فقد زعم أن هذا أكبر [١١٠ / أ] من القتال، الذي هو كفر. والقتال عينه، ليس بكفر. فإذن صح قولنا.

  [أما قوله]:

  ٢٧٧ - ... ... فما بك، والأيّام، من عجب⁣(⁣٣)

  فضرورة. وهو على إضمار الجار، أي: وبالأيام. [قال الشاعر]:

  ٢٧٨ - أكل امرئ تحسبين امرءا ... ونار توقد، بالليل، نارا⁣(⁣٤)

  أي: وكلّ نار، فأضمر. فليس في البيت لهم حجة. وحمله⁣(⁣٥) قول عمر بن أبي ربيعة:

  ٢٧٩ - قلت، إذ أقبلت، وزهر ... ... (⁣٦)

  على الضرورة، وأنه كان حقه أن يقول: إذ أقبلت هي وزهر، فإن كان هذا ضرورة، فقوله تعالى: {ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا}⁣(⁣٧)، ليس بضرورة. و (لا) لا تعمل شيئا، لمجيئه بعد الواو. وزهر: جمع زهراء، كحمراء، وحمر.

باب النكرة والمعرفة

  [قال أبو الفتح]: فالنكرة: ما لم تخصّ الواحد، من جنسه، نحو: رجل، وغلام. وتعرّف النكرة ب (اللام)، و (ربّ) نحو: الرجل، و: رب رجل، ورب غلام. يعني أن قولك: رجل، نكرة، لأنك تقول: الرجل، فتقبل اللام. وزيد: ليس بنكرة، لأنك لا تقول: الزيد. وكذلك أنواع المعارف. ولأنك تقول: رجل، فتحكم بتنكيره، لأنك لو قلت: ربّ رجل، صلح، وجاز. وقوله:


(١) ٤٨: سورة الفتح ٢٥.

(٢) يعني: الفراء.

(٣) البيت من البسيط، وتمامه:

فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك، والأيام من عجب

وهو بلا نسبة في: الكتاب ٢: ٣٨٣، والتحصيل ٣٣٧، والجمل ١: ٢٤٤، والإنصاف ٢: ٤٦٤، وابن يعيش ٣: ٧٨، والخزانة ٥: ١٢٣، ١٢٤، ١٢٥، ١٢٦، ١٢٨، ١٢٩، ١٣١.

(٤) سبق ذكره رقم (٢٢٧).

(٥) أي: أبو الفتح.

(٦) البيت من الخفيف، وتمامه:

قلت، إذ أقبلت، وزهر تهادى ... كنعاج الملا تعسفن رملا

وهو، في: ديوانه ٤٩٨، واللمع في العربية ١٨٣.

(٧) ٦: سورة الأنعام ١٤٨.