المبحث الثالث بين يدي شروح اللمع الأخرى
  الفارسي، والرماني(١)، وغيرهم ممن سبقوه.
  ويعد ابن السراج النحوي الثاني بعد سيبويه، الذي نقل الواسطي أفكاره فتردد ذكره في كتابه كثيرا(٢).
  ج - التعليل: ولأن كتاب الواسطي، كتاب تعليمي، فقد شاعت فيه العلة التعليمية؛ لتقريب المسائل النحوية من أذهان المتلقين، ورافقت ذلك المحاورات التي قامت على (الفنقلة)(٣).
  ومن أمثلة ذلك، قوله في باب المبتدأ: " ولا يبتدأ، إلا باسم معرفة؛ لأنك إذا أخبرت عن معرفة، ذهبت النفس إلى معرفة خبره، فإن قلت: رجل قائم؛ لم يستقم؛ لأنه لا تخلو الدنيا من رجل قائم، فلذلك كان لا فائدة فيه)(٤).
  وقوله في باب الاسم الواحد: (وكل اسم لا ينصرف، فلحدوث علتين، أو علة تجري مجرى علتين، و (إبراهيم) لا ينصرف للتعريف والعجمة، فإن نكرته انصرف، وإن أضفت جميع ما لا ينصرف، أو أدخلت عليه ألفا ولاما، امتنع منه التنوين، ودخله الجر، في موضع الجر؛ لأنه قد زال شبه الفعل منه؛ لأن الألف واللام، والإضافة من خواص الأسماء.
  فإن قيل: فحرف الجر من خواص الأسماء فألا صرفته بدخول (الباء) عليه؟.
  الجواب: ففيه أربعة أوجه:
  أحدها: أنه لو فعل ذلك؛ لم يبق في الأسماء ما لا ينصرف.
  والثاني: أن الألف واللام، والإضافة يعاقبان التنوين، وحروف الجر ليس كذلك ..)(٥).
  د - الشاهد: استشهد الواسطي بالقرآن الكريم كثيرا؛ إذ كان حجته الأولى فيما يذهب إليه من مسائل نحوية(٦).
  أما الشعر فلم يحظ عنده، بما حظي به القرآن الكريم، فكان استشهاده به قليلا جدا؛ إذ كان ما في نص اللمع من الشعر، يزيد على ما في شرحه.
  وتحرج الواسطي - فيما يبدو لي - من الاستشهاد بالحديث الشريف؛ لأنه منقول عن المحدثين بالمعنى، أو اتّسى بالنحويين السابقين من المصريين الذين لم يحتجوا بشيء منه(٧).
  وبعد هذه الجولة، مع هذه الشروح الخمسة، ودراسة خصائصها، أستطيع أن أضع شرح جامع العلوم في الصدارة من تلك الشروح؛ لما اتسم به من العمق والشمول، والرصانة، وبعد الغور، في استجلاء القاعدة النحوية، إذ عبر من خلال المنهج الذي وصفناه قبل، عن إحاطته الفائقة بعلوم العربية؛ ولا سيما النحو وما يتصل بالقرآن، إعرابا وقراءات ثم اشتمال شرح اللمع
(١) ينظر: شرح اللمع للواسطي ٢٣.
(٢) ينظر: شرح اللمع للواسطي ٣، ٢٠٥، ١٠٤.
(٣) شرح اللمع للواسطي ١٣٥.
(٤) نفسه ٣١.
(٥) شرح اللمع للواسطي ١٤.
(٦) نفسه ٢٤، ٩٠، ١٢٣.
(٧) الخزانة ١: ٩.