كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب الحروف التي تنصب الفعل

صفحة 299 - الجزء 1

  للفعل. وأخطؤوا في ذلك؛ لأن (إذن) يعمل، ويلغى. و (أن) لا يلغى أبدا، فثبت أنّ ذاك باطل، ولأنّ (إذن) في الوقف بالألف⁣(⁣١)، و (أن) لا يوقف عليه إلا بالنون.

  وأما (حتى) فقد تقدم لها باب⁣(⁣٢).

  وأما الفاء، فإذا كانت جوابا، لأحد [١٢٤ / ب] سبعة أشياء، فإن (أن) يضمر بعدها، وينصب الفعل بإضمار (أن). ولجميع السبعة شيء واحد، وهو أنه غير واجب. فالأمر، قولك: زرني فأزورك. والتقدير: ليكن منك زيارة، فزيارة مني. لا بد أن يقدر (أن) بعد الفاء؛ ليكون ما بعدها، في تقدير المصدر. ويكون اللفظ الأول، مؤولا، فيعطف المصدر على المصدر.

  وقال الجرمي: الناصب للفعل، الفاء نفسها. وهذا باطل؛ لأن الفاء، تدخل على الاسم، والفعل، جميعا، وتكون للعطف، فلا يجوز أن يكون عاملا، في الفعل. فاعرفه، وإذا قلت: ما تأتيني، فتحدثني؛ فهو أيضا، في هذا التقدير. أي: ما يكون منك إتيان فحديث. ويجوز الرفع في هذه الأجوبة بالفاء. قال الله تعالى: {لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ ٣٦ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى}⁣(⁣٣).

  رفعه الجماعة، غير حفص⁣(⁣٤). {وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى ٣ أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى} (٤)⁣(⁣٥)، رفعوه، غير عاصم⁣(⁣٦). فعلم أن الوجهين جائزان.

  والواو: بمنزلة الفاء. قال الله تعالى: {يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}⁣(⁣٧). قرئ بالرفع، والنصب⁣(⁣٨). أعني: لا نكذب، ونكون. وقالوا في قوله تعالى: {وَلا


(١) اللسان: (إذن) ١٣: ١٣، والمغني ١: ١.

(٢) ينظر: ص ٢٢٠.

(٣) ٤٠: سورة غافر ٣٦ - ٣٧.

كما نصبه: الأعرج، والسلمي، وعيسى. السبعة ٥٧٠، والحجة - لابن خالويه ٣١٥، وحجة القراءات ٦٣١، والتيسير ١٩١، والكشاف ٣: ٤٢٨، ومجمع البيان ٨: ٥٢٣، وتفسير الرازي ٢٧: ٦٧، وتفسير القرطبي ١٥: ٣١٥، والنشر: ٣٦٥، وإتحاف الفضلاء ٣٧٩.

(٤) هو: حفص بن سليمان بن المغيرة، أبو عمر بن أبي داود، الأسدي، الكوفي، الغاضري، البزاز، ويعرف ب (حفيص) (ت ١٨٠ هـ على الأرجح). أخذ القراءة عن عاصم، وكان ربيبه، ابن زوجته، روى القراءة عنه: حسين بن محمد، المروذي، وحمزة بن القاسم الأحول، وخلف الحداد، وآخرون. قال أبو هشام الرفاعي: كان حفص أعلمهم بقراءة عاصم. ينظر: غاية النهاية ١: ٢٥٤، ٢٥٥.

(٥) ٨٠: سورة عبس ٣ - ٤.

(٦) كما نصبه: ابن أبي إسحاق، والسلمي، وعيسى، وزر بن حبيش. السبعة ٦٧٢، والحجة - لابن خالويه ٣٦٣، وحجة القراءات ٧٤٩، والتيسير ٢٢٠، ومجمع البيان ١٠: ٤٣٦، وتفسير الرازي: ٣١: ٥٧، وتفسير القرطبي: ١٩: ٢١٤، والنشر ٢: ٣٩٨، وإتحاف الفضلاء ٤٣٣.

(٧) ٦: سورة الأنعام ٢٧.

(٨) بالرفع فيهما، قرأ: نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، والكسائي، وأبو جعفر، وأبو بكر، وبرفع (نكذب)، ونصب (نكون) قرأ: ابن عامر، وبنصب (نكذب)، ورفع (نكون) قرأ: الشنبوذي. تفسير الطبري ٧: ١٧٥، والسبعة ٢٥٥، وإعراب القرآن - للنحاس ١: ٥٤٢، والحجة - لابن خالويه ١٣٧، والكشف - للقيسي ١: ٤٢٧ - ٤٢٩، والتيسير ١٠٢، وتفسير التبيان ٤: ١٠٧، ١٠٨، ومجمع البيان ٢: ٢٨٨، وتفسير الرازي ١٢: ٢٠٢، والتبيان - للعكبري ١: ٢٣٩، وتفسير القرطبي ٦: ٤١٨، والبحر =