المبحث الرابع المذهب النحوي لجامع العلوم وآراؤه
  ١ - نقل الآراء:
  من ذلك نقله لرأي سيبويه في (عرفات) أنها اسم معرفة؛ بدليل قولهم هذه عرفات مباركا فيها، فتنصب (مباركا) على الحال، والحال تكون من المعرفة دون النكرة(١).
  ومنه قوله في الوقف على المنقوص المحلى ب (أل)، أنه بالياء، وبه وردت القراءة عن ابن كثير: الكبير المتعالي(٢).
  قال: وهو الاختيار عند سيبويه؛ ولا يلزمه(٣) قراءة الجمهور (الكبير المتعال) لأن ذلك كقوله: والّليل إذا يسر. وما كنّا نبغ.
  ومنه قوله في باب (ظرف المكان)(٤)، لو قلت، في نحو قولك: داري من خلف دارك فرسخين أو فرسخان، لجاز، إذ نقل عن أبي عمر الجرمي رأيه حيث قال: وأبو عمر يأبى النصب إذا أدخلت (من) ولا يجيز إلا الرفع، فيقول: داري من خلف دارك؛ وإنما يتم إذا قلت: فرسخان، فهو خبر(٥).
  ومنه ما نقله في باب الاستثناء، عن الكسائي والفراء في قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}(٦)، قالا: التقدير أنعمت عليهم، لا مغضوبا عليهم ولا الضالين، فإنما جاء (لا) في قوله ولا الضّالّين لأن في (غير) معنى النفي(٧). وإذا كان كذلك كان حكمه حكم النفي(٨).
  ٢ - مناقشة آراء سابقيه واختياره:
  ومن أمثلة ذلك العامل في الخبر، إذ ذهب الكوفيون إلى أن المبتدأ يرفع الخبر، والخبر يرفع المبتدأ، فهما يترافعان.
  وذهب البصريون إلى أن المبتدأ يرتفع بالابتداء واختلفوا في رافع الخبر(٩).
  قال جامع العلوم بشأن ذلك: «الخبر مرفوع عندنا بالابتداء» وذهب المبرد، وابن السري(١٠) إلى أن الابتداء قد عمل في المبتدأ.
  والابتداء، والمبتدأ جميعا رفعا الخبر، قالا: وذلك بمنزلة النار والقدر جميعا تحميان الماء(١١).
  ألا ترى أن النار تحمي القدر والنار والقدر جميعا تحميان الماء ونظيره من كلامهم (لم يضرب زيد) (لم) عملت في (يضرب) فجزمته، ثم (لم) مع (يضرب): رفعا الفاعل. والقول قول سيبويه: من
(١) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٤، وينظر: الكتاب ٣: ٢٣٣.
(٢) ١٣: سورة الرعد ٩.
(٣) أي: لا يلزم سيبويه، الكتاب ٤: ١٨٤.
(٤) شرح اللمع لجامع العلوم ١٧٣.
(٥) نفسه ١٧٥.
(٦) ١: سورة الفاتحة ٧.
(٧) معاني القرآن - للفراء ١: ٨.
(٨) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٠٢.
(٩) الإنصاف (مسألة ٥) ١: ٤٤.
(١٠) هما من البصريين.
ينظر: المقتضب ٤: ١٢٦، والأصول ١: ٦٣.
(١١) الإنصاف ١: ٤٦.