كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

المبحث الرابع المذهب النحوي لجامع العلوم وآراؤه

صفحة 31 - الجزء 1

  ١ - نقل الآراء:

  من ذلك نقله لرأي سيبويه في (عرفات) أنها اسم معرفة؛ بدليل قولهم هذه عرفات مباركا فيها، فتنصب (مباركا) على الحال، والحال تكون من المعرفة دون النكرة⁣(⁣١).

  ومنه قوله في الوقف على المنقوص المحلى ب (أل)، أنه بالياء، وبه وردت القراءة عن ابن كثير: الكبير المتعالي⁣(⁣٢).

  قال: وهو الاختيار عند سيبويه؛ ولا يلزمه⁣(⁣٣) قراءة الجمهور (الكبير المتعال) لأن ذلك كقوله: والّليل إذا يسر. وما كنّا نبغ.

  ومنه قوله في باب (ظرف المكان)⁣(⁣٤)، لو قلت، في نحو قولك: داري من خلف دارك فرسخين أو فرسخان، لجاز، إذ نقل عن أبي عمر الجرمي رأيه حيث قال: وأبو عمر يأبى النصب إذا أدخلت (من) ولا يجيز إلا الرفع، فيقول: داري من خلف دارك؛ وإنما يتم إذا قلت: فرسخان، فهو خبر⁣(⁣٥).

  ومنه ما نقله في باب الاستثناء، عن الكسائي والفراء في قوله تعالى: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}⁣(⁣٦)، قالا: التقدير أنعمت عليهم، لا مغضوبا عليهم ولا الضالين، فإنما جاء (لا) في قوله ولا الضّالّين لأن في (غير) معنى النفي⁣(⁣٧). وإذا كان كذلك كان حكمه حكم النفي⁣(⁣٨).

  ٢ - مناقشة آراء سابقيه واختياره:

  ومن أمثلة ذلك العامل في الخبر، إذ ذهب الكوفيون إلى أن المبتدأ يرفع الخبر، والخبر يرفع المبتدأ، فهما يترافعان.

  وذهب البصريون إلى أن المبتدأ يرتفع بالابتداء واختلفوا في رافع الخبر⁣(⁣٩).

  قال جامع العلوم بشأن ذلك: «الخبر مرفوع عندنا بالابتداء» وذهب المبرد، وابن السري⁣(⁣١٠) إلى أن الابتداء قد عمل في المبتدأ.

  والابتداء، والمبتدأ جميعا رفعا الخبر، قالا: وذلك بمنزلة النار والقدر جميعا تحميان الماء⁣(⁣١١).

  ألا ترى أن النار تحمي القدر والنار والقدر جميعا تحميان الماء ونظيره من كلامهم (لم يضرب زيد) (لم) عملت في (يضرب) فجزمته، ثم (لم) مع (يضرب): رفعا الفاعل. والقول قول سيبويه: من


(١) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٤، وينظر: الكتاب ٣: ٢٣٣.

(٢) ١٣: سورة الرعد ٩.

(٣) أي: لا يلزم سيبويه، الكتاب ٤: ١٨٤.

(٤) شرح اللمع لجامع العلوم ١٧٣.

(٥) نفسه ١٧٥.

(٦) ١: سورة الفاتحة ٧.

(٧) معاني القرآن - للفراء ١: ٨.

(٨) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٠٢.

(٩) الإنصاف (مسألة ٥) ١: ٤٤.

(١٠) هما من البصريين.

ينظر: المقتضب ٤: ١٢٦، والأصول ١: ٦٣.

(١١) الإنصاف ١: ٤٦.