باب العدد
  ٣٢٧ - ... ... فقد رجعوا كحيّ واحدينا(١)
  فجمعه، وكان القياس يقتضي أن يثنى، أيضا، فيقال (واحدان) إلا أنه استغنى باثنين عن هذا.
  ولأنه لم يستعمل، وقد استعمل في الجمع.
  وأما (الاثنان): فهو عدد. وكان الواجب أن يضاف إلى ما بعده. فيقال: اثنا رجل، واثنا غلام. ولكنهم لم يضيفوه، لأن التثنية قط، لا تتغير؛ لأنها لا تزيد، ولا تنقص؛ بل الآحاد، والجموع، التي تتغير؛ لأن الواحد يكون بناؤه على (فعل) وعلى: (فعيل) وعلى (فعال) أو على غير ذلك.
  وكذلك (الجمع) أيضا، يغيّر؛ لأنه يأتي على أبنية مختلفة. والإضافة نوع من التغير. إذ لو أضفنا (اثنان) لأدى ذلك إلى إسقاط النون، وهو غاية التغير. ولأنك إذا أضفته، فلا يكون فيه فائدة، لأنه يستغنى عن (الاثنين) بما هو أخص منه، لأنك، إذا قلت: اثنان، يحتمل أن يكون غلامين، أو دارين، أو فرسين. وإذا قلت: رجلان، فإنه أظهر للفائدة، على أنه قد جاء في الشعر:
  ٣٢٨ - ... ... ثنتا حنظل(٢)
  ولكنّ ذلك [١٤١ / ب] شاذ، لا يجوز القياس عليه.
  وأما (ثلاثة) فإنك تضيفها إلى ما بعدها، وتثبت الهاء فيها، في المذكر. فتقول: ثلاثة أبغل، وثلاث بغلات، وثلاثة أيام، وثلاث ليال. وإنما تثبت الهاء في المذكر؛ لأن الثلاثة جمع، فلما قلت: ثلاثة رجال احتجت إلى علامة التأنيث، فأدخلت الهاء، أولا، في المذكر، وابتدأت به؛ لأنه هو الأصل. فإذا جئت إلى المؤنث، لم يبق علامة التأنيث، فلم يدخل عليه العلامة، وجعلت ترك العلامة، علامة للتأنيث.
  وقال المبرد(٣): الهاء، في قولك: ثلاثة رجال، ليست للتأنيث؛ وإنما هي للمبالغة؛ إذ تدخل الهاء الكلام، لا للتأنيث. كما تقول للرجل العالم المبالغ فيه: علّامة، ونسّابة، وغير ذلك.
  واعلم أن أدنى العدد، إذا كان له جمع القلة، وجمع الكثرة، فإنك تضيفه إلى جمع القلة ليطابق المضاف المضاف إليه لأنه أدنى العدد. فيضاف إلى أقل الجموع. وأقل الجمع، يأتي على أربعة أوجه: أفعل، وأفعال، وأفعلة، وفعلة. فتقول: خمسة صبية، ولا تقول: خمسة صبيان؛ لما ذكرنا.
(١) البيت من الوافر، وصدره:
فضم قواصي الأحياء منهم ...
وهو للكميت، في: شعره ٢: ١٢٢، ومعاني القرآن - للفراء ٢: ٢٨٠، واللسان (وحد) ٣: ٤٤٨.
(٢) هذه قطعة من الرجز، وهو بتمامه:
كأنّ خصييه من التدلدل ... ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل
وهو لخطام المجاشعي، في الخزانة ٧: ٤٠٠، ٥٢٦.
وبلا نسبة في: الكتاب ٣: ٥٦٩، ٦٢٤، والتحصيل ٥٢٧، والمقتضب ٢: ١٥٦، والجمل ١: ٢٧٦، ٢: ٢٩، وابن يعيش ٤: ١٤٤.
(٣) المقتضب ٢: ١٥٧.