باب الجمع
  (أسبع) لأن العرب تستغني بالشيء عن الشيء. ولهذا استغنوا: ب (ترك) عن (وذر) و (ودع) وب (تارك) عن (واذر) و (وادع).
  فإن كان الاسم على (فعال) أو (فعال) أو (فعال) فعلى ما ذكر. فإن كان الاسم (فاعلا) كسّر على (فواعل) نحو: غارب، وغوارب، وكاهل، وكواهل. فإن كان صفة، لا اسما؛ فإنك لا تجمعه على هذا الوزن؛ بل تجمعه على (فعلة) على أنه قد ورد من الأوصاف على هذا الوزن، في ثلاثة مواضع، منها: ناكس، ونواكس، وفارس وفوارس، وهالك، وهوالك، لا غير. فإن كان الاسم رباعيا، جمع على مثال (مفاعل) أيّ مثال كان، نحو: عقرب، وعقارب. وزبرج، وزبارج، وهو الكتاب. وسبطر، وسباطر، وهو من قولهم: سبط الكفّ، وسبطر الكفّ. وجخدب، وجخادب، وهو: الغليظ، وقيل: هو دويّبة. [١٤٨ / أ] وخنفس، وخنافس، أيضا: دويبة. وأرطى، وأراط. اختلفوا في ذلك، فمنهم من قال: هو على وزن (أفعل) والألف الأخير للإلحاق، دون التأنيث. وإذا كان وزنه (فعللا) كان ملحقا: بجعفر. ويقال: هو: أديم مرطيّ. ومن قال: أديم مأروط؛ فالهمزة فاء الفعل، ولا يكون (أفعل) مثل أحمر. فالقياس في هذا: مأروط، ومرطيّ.
  فمرطيّ: دليل على أنه (أفعل). ومأروط: دليل على أنه (فعلل). ولا يجوز أن يكون الألف في (أرطى) للتأنيث، بتة. لأنهم قالوا: أرطاة، فألحقوها تاء التأنيث. وعلامتا التأنيث لا تجتمعان. ألا ترى: أن سيبويه(١)، قال مثل ذلك، في قولهم: بهماة(٢)، وحكم بزيادة الألف، دون أن يكون للتأنيث؛ للحاق التاء إياها. ولأنهم قالوا: أرطى؛ فنوّنوه. والتنوين لا يلحق ألف التأنيث. ألا ترى أنّ قوله تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنا رُسُلَنا تَتْرا}(٣): وزنه (فعلى) والألف للتأنيث. ومن اعتقد فيه هذا، لم يصرفه، ويكون التاء، بدلا من الواو، وأصله (وترى) ومن نون، فقال: تترى؛ لم تكن الألف للتأنيث؛ وإنما يكون للإلحاق بجعفر، وسلهب. أو تكون (تترى) مصدرا. فألف التأنيث، لا تنوّن أبدا.
  فإن كان فيه حرف زائد، حذفته أين كان؛ إلا أن يكون رابعا: ألفا، أو ياءا، أو واوا. فتقول في تكسير: مدحرج: دحارج؛ فتحذف الميم؛ لأنها زائدة، لأن أصله (دحرج) وكذلك ألف (عذافر) لأنك تجمعه على (عذافر) فتفتح العين في الجمع التي كانت في الواحد، مضمومة.
  والألف في (عذافر) في الجمع، غير الألف التي في (عذافر) في الواحد؛ وإنما لم تحذف، إذا كان رابعا: ياءا، أو واوا، أو ألفا؛ لأنها حروف المد، واللين، وهي خفيفة؛ فلم تحتج إلى حذفها.
  وحيث صرنا إلى الحذف؛ إنما صرنا إليه للتثقيل.
  فإن كان في الاسم. زائدتان متساويتان، كنت في حذف أيتهما شئت، مخيرا. فتقول في (حبنطى) في جمعه (حبانط). وإن شئت، قلت: (حباط) لأن النون، والياء زائدتان لأن أصله من (حبط). فإن كانت إحداهما [١٤٨ / ب] لمعنى، والأخرى لغير معنى؛ حذفت التي لغير معنى،
(١) الكتاب ٣: ٢٥٥.
(٢) بهماة: نبت.
(٣) ٢٣: سورة المؤمنون ٤٤.