كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب الصلة والموصول

صفحة 347 - الجزء 1

  (أن). [قال الشاعر]:

  ٣٤٢ - فقالوا: ما تشاء؟ فقلت: ألهو ... ... (⁣١)

  وتقديره: فقلت: اللهو. لأنّ (أن) مضمرة.

  واعلم أن العرب، تقول: والله، لئن جئتني لأفعلنّ. فقوله: لأفعلنّ: جواب القسم، دون جواب الشرط، وقد ناب عن جواب الشرط، وأغنى عن ذلك. والدليل على أنه جواب القسم، دون الشرط، قوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ}⁣(⁣٢). فرفع: لا يأتون؛ لأنه جواب القسم. أي: والله، لئن اجتمعت الإنس، والجن.

  [قال الشاعر]:

  ٣٤٣ - لئن عاد لي عبد العزيز، بمثلها ... وأمكنني منها إذن، لا أقيلها⁣(⁣٣)

  فرفع (أقيلها) لأنه جواب القسم. واللام في (لئن) جئتني. زائدة مؤكدة تؤذن بأنّ جواب القسم، منتظر، وليست اللام في (لئن) جئتني [١٥١ / ب] للقسم، لأنها قد حذفت في قوله تعالى: {وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا}⁣(⁣٤).

  وأما اللام، في قولك (لعمرك) فقد ذكرنا أنه لام الابتداء، دون القسم؛ لأن القسم لا يدخل على القسم. ولهذا قال الخليل⁣(⁣٥)، في قوله: {وَالشَّمْسِ وَضُحاها ١ وَالْقَمَرِ}⁣(⁣٦): إنّ الواو الأولى للقسم، والثاني للعطف، والثالثة، والرابعة كذلك. كي لا يدخل قسم على قسم، قبل أن يجاب الأول.

  واستدلّ على ذلك، بقوله تعالى: {وَالذَّارِياتِ ذَرْواً ١ فَالْحامِلاتِ وِقْراً} (٢)⁣(⁣٧). ألا ترى كيف جاءت الفاء مكان الواو، والفاء لا يكون للقسم؛ فكذلك الواو للعطف دون القسم. وهذا بخلاف قول الفقهاء؛ لأنهم يقولون، في قولهم: والله، والرحمن، والرحيم: إنه ثلاثة أقسام، ولا يجعلون الكلام قسما واحدا. وقول الخليل، لا إشكال فيه؛ بالدليل الذي ذكرناه.

باب الصّلة والموصول

  اعلم أن الأصل، في باب الصلة، والموصول؛ إنما هو (الذي) ثم (من) ثم (ما) ثم (أيّ).

  اعلم أن (الذي) اسم مبني، غير معرب. وإنما كان مبنيا؛ لأنه اسم لا يتم إلا بما بعده، فأشبه الحروف؛ لأن الحروف، إنما تتم بما بعدها. فلما كان كذلك بني؛ لأنه كبعض الاسم. وبعض الاسم لا يستحق الإعراب.


(١) الكتاب ٣: ١٠٥، ١٠٦.

(٢) ١٧: سورة الإسراء ٨٨.

(٣) البيت من الطويل، لكثير عزة، في: ديوانه ٣٠٥، والكتاب ٣: ١٥، والتحصيل، ٣٨٤، والخزانة ٨: ٤٤٧، ٤٧٣، ٤٧٤، ٤٧٦، ١١: ٣٤٠.

وبلا نسبة في: شرح شذور الذهب ٢٩٠.

(٤) ٥: سورة المائدة ٧٣.

(٥) الكتاب ٣: ٥٠١.

(٦) ٩١: سورة الشمس ١، ٢.

(٧) ٥١: سورة الذاريات ١، ٢.