كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب الصلة والموصول

صفحة 358 - الجزء 1

  يدخل في الإرادة، لأن إرادته الزيارة دون المنع فإذا كان كذلك تقول: فيمنعني البواب. على تقدير: فإذا يمنعني البواب. والدليل عليه قول الشاعر:

  ٣٤٧ - يريد أن يعربه، فيعجمه⁣(⁣١) ...

  لأنه ليس بمعطوف على قوله: يعربه، إذ لو كان كذلك لانتقض المعنى لأن إرادته الإعراب، دون الإعجام. فإذن قوله: يعجمه: كلام مستأنف، ولو نصب لفسد المعنى.

  (قلت): اعلم أنه لا يؤكد الموصول وقد بقيت منه بقية فلا تقول: مررت بالضاربين أجمعين زيدا بل تقول مررت بالضاربين زيدا أجمعين فإن جعلت قوله: أجمعين تأكيدا للضمير الذي في الضاربين جاز. ويكون التقدير: مررت بالضاربين هم أجمعون زيدا ولا يوصف ولا يعطف عليه وقد بقيت منه بقية لأن الصلة مع الموصول بمنزلة اسم واحد. وإذا لم ينقض الموصول مع الصلة، فلا يعطف على بعض الاسم.

  واعلم أن المصدر، على ثلاثة أقسام:

  مصدر تنونه، وهو قولك: أعجبني ضرب زيد عمرا. فإنه إذا كان منونا، فإنه يعمل غاية العمل وذلك لتحقق شبهيته بالفعل، والفعل أيضا نكرة وقولك: أعجبني ضرب زيد عمرا فإن قولك: ضرب: مرفوع بفعله (١٥٨ /) وفعله: أعجبني.

  وزيد: ارتفع بالفعل الذي في المصدر. وهاهنا يجوز أن يحذف الفاعل. فتقول: أعجبني ضرب زيدا ولا يحتاج إلى الفاعل لأن قوله: ضرب: اسم صريح فلا يحتاج إلى اسم آخر بخلاف الفعل وذلك لأن الفعل خبر والخبر لا بد من مخبر عنه فلهذا قلنا: لا يجوز حذف الفاعل من الفعل.

  والقسم (الثاني): أن تضيفه فتقول: أعجبني ضرب زيد عمرا وهاهنا يجوز أن تضيفه إلى الفاعل وتنصب المفعول بعده ويجوز أن تضيفه إلى المفعول وترفع الفاعل بعده فتقول: أعجبني ضرب زيد عمرو والدليل عليه قول الشاعر:

  ٣٤٨ - ... ... قرع القواقيز أفواه الأباريق⁣(⁣٢)

  بالنصب. إذا كان مضافا إلى الفاعل وأفواه الأباريق: بالرفع إذا كان مضافا إلى المفعول.


(١) من الرجز، للحطيئة، وقبله:

فالشعر صعب، وطويل سلمه ... إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه

وهو في: ديوانه ٢٣٩، واللمع في العربية ٣٠٣.

(٢) البيت من البسيط، للأقيشر الأسدي، وصدره:

أفنى تلادي وما جمعت من نشب

وهو بهذه النسبة في: الخزانة ٤: ٤٩١.

وبلا نسبة في: المقتضب ١: ٢١، والإنصاف ١: ٢٣٣، واللمع في العربية ٣٠٧، والمغني ٢: ٥٣٦، واللسان (ققز) ٥: ٣٩٦. القواقيز: الكؤوس.