كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب النسب

صفحة 363 - الجزء 1

  صحة هذا، هو أن كل واحد منهما يعاقب الآخر ويقوم مقامه. فقيام كل واحد منهما مقام الآخر، دليل قوي على المناسبة بينهما. ولا يجتمعان في اسم واحد وهذا يتضح بمسألة، وهو قولك: فرازين، وفرازنة⁣(⁣١)، وزناديق، وزنادقة، فإذا ذكرت الياء فإنك لا تذكر التاء وإذا ذكرت التاء (١٦١ / أ) فإنك لا تذكر الياء، فتقول في النسبة إلى: حمزة أو طلحة: حمزيّ، وطلحيّ ولا تقول: طلحتيّ. لأن بين التاء، والياء مناسبة.

  وإذا علمت هذا، فاعلم أن الأسماء على ضربين: صحيحة ومعتلة. فالصحيحة على ثلاثة أضرب. إذا كان ثلاثيا: إما أن يكون على: (فعل) أو (فعل) أو (فعل). فإن كان على (فعل) أو (فعل) فإنه لا يغير. فتقول في: جمل، وقلم: جملي وقلمي. وفي: سمر: سمريّ. وإن كأن فعلا، على ثلاثة أحرف أبدلت من كسرته فتحة، هربا من توالي الكسرتين، والياءين تقول في الإضافة⁣(⁣٢) إلى: نمر: نمريّ. لأن الثلاثي أخف الأشياء فلما كان كذلك طلب فيه الخفة فأبدل من كسرته فتحة.

  فإن تجاوز الثلاثة لم تغيّر كسرته تقول في الإضافة إلى تغلب: تغلبيّ وإنما فعلت هذا وذلك لأن الكسرة سقط حكمها لغلبة كثرة الحروف. والثقل كان حاصلا في غايته فلم يحتج بعد ذلك إلى أن تفتح الكسرة، إذ ذلك لا يخرجه عن كونه ثقيلا، فبقي بحاله، بخلاف الثلاثي، وذلك لأنه في غاية الخفة فطلب فيه الخفة تخفيفا لها.

  فإن كان الاسم ثلاثيا مقصورا، أبدلت من ألفه واوا لوقوع ياء الإضافة بعدها، سواءا كان الاسم من بنات الواو، أو بنات الياء فتقول في: فتى: فتويّ، وفي رحى: رحويّ، وفي قنى⁣(⁣٣): قنويّ. فقلبت الألف واوا لالتقاء الساكنين، ولتوالي الياءات. فهذا القسم الثاني.

  فإن كان المقصور رباعيا، وألفه غير زائدة، كان الوجه قلبها واوا. تقول في مغزى: مغزويّ.

  ويجوز الحذف فتقول: مغزيّ. فإن كانت ألفه زائدة فالوجه: الحذف تقول في سكرى: سكريّ.

  ويجوز البدل فتقول: سكرويّ. لأنه ليس بقياس. وقد قالوا في دنيا: دنييّ، فحذفوها لأنها زائدة.

  وقد قالوا: دنيويّ تشبيها بمغزويّ. وقالوا: دنياويّ، لأنهم توهموا: دنياء ممدودة، وإن لم تكن مستعملة، وحكاه سيبويه، أيضا⁣(⁣٤).

  فإن تجاوز الأربعة (١٦١ / ب) فالحذف للطول لا غير. فتقول في مرامى: مراميّ. فإن كان المقصور على أربعة أحرف وهو متحرك الأوسط فإنك تحذف الألف، فتقول في جمزى⁣(⁣٥):


(١) الفرزان من لعب الشطرنج، أعجمي معرب وهو ما يسمى في اللعبة بالوزير. ينظر: الكتاب ١: ٤٢٢، هامش ٢.

(٢) أي في النسبة.

(٣) القنا: جمع قناة، والقنا: احديداب في الأنف. المقاييس (قنا) ٥: ٢٩.

(٤) الكتاب ٣: ٣٥٢، ونصه: (وقالوا في دنيا: دنياوي).

(٥) الجمزي: ضرب من السير، وهو أشد من العنق. المقاييس (جمز) ١: ٤٧٨.