كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب الاستفهام

صفحة 374 - الجزء 1

  [الثالث]: وهو (ما) الصلة الزائدة. وهو قوله: {فَبِما رَحْمَةٍ}⁣(⁣١). وإنما سميت صلة؛ لأن الكلام يوصل بها.

  [الرابع]: وهو (ما) التي للنفي. ترفع الاسم، وتنصب الخبر: فتقول: ما زيد قائما. لأنها حرف بمنزلة: هل، وبل. [واعلم]⁣(⁣٢) أن من: إنما تكون للعقلاء، ولا تكون لغير العقلاء. وما: إنما يكون لغير العقلاء.

  [فإن قلت]: قال الله تعالى: {وَالسَّماءِ وَما بَناها} (٥)⁣(⁣٣)، أقسم الله سبحانه وتعالى بذاته، ب (ما) وهو تعالى عالم. فعلم بهذا أن (ما) يستعمل في العقلاء.

  [الجواب]: قلنا: ليس كذلك، وذلك لأن (ما) هناك، المصدرية. فالتقدير: والسماء وبنائها.

  [فإن قلت]: فقد قال الله تعالى: {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ}⁣(⁣٤)، ومعلوم أن النّسوان من جملة العقلاء.

  [الجواب]: قلنا ليس كذلك، وذلك لأن (ما) هناك، صفة للعقلاء. و (ما) يكون صفة للعقلاء. فالتقدير: فانكحوا المحلّلة من النساء.

  وأما (أيّ) فقد تقدم شرحه في باب الموصول⁣(⁣٥).

  والظروف: متى، وأين، وكيف، وأنّى، وأيّان، وأيّ حين.

  اعلم أن (متى) ظرف زمان. ويكون [١٦٨ / أ] خبرا عن الحدث، ولا يكون خبرا عن الجثة.

  تقول: متى انطلاقك؟. ولا يجوز: متى زيد؟. فإن قلت: متى زيد قائم، وعلقت (متى) بقائم؛ جاز. ولو قلت: متى زيد قائما؛ لم يجز أن تنصب: قائما، على الحال؛ بخلاف (أين) لأن (متى) زمان، فلا يكون زيد مبتدأ، و (متى) خبره. كما يكون (أين) خبر زيد. وقولهم: متى أنت وبلادك؛ إنما جاز لأن المعنى: متى عهدك ببلادك؟. فعهدك: حدث محذوف. فلما حذف المضاف انفصل المتصل، فصار (الكاف) (أنت) كقوله تعالى: {فَنِعِمَّا هِيَ}⁣(⁣٦)؛ أي فنعما إبداؤها. فحذف الإبداء، فانفصل فصار (ها) (هي). فكذا. هاهنا. وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ}⁣(⁣٧)، فتقديره: متى البعث؟. ف (هو) كناية عن البعث.

  و (أين) ظرف، سؤال عن المكان. و (كيف) ظرف. سؤال عن الحال.

  [فإن قلت]: فكيف: اسم. ولا تعلّق له بالزمان، فكيف يقع عليه اسم الظرفية؟.

  [الجواب]: نعم. ولكن معناه يدل على الظرفية. لأن معنى (كيف): على أي حال، وأيّ حال: ظرف زمان.

  و (أيّ حين) حين: ظرف. وأيّ: اسم، ولكن، لما أضيف إلى الظرف، اكتسى منه الظرفية.


(١) سورة آل عمران ١٥٩.

(٢) الأصل غير واضح.

(٣) ٩١: سورة الشمس ٥.

(٤) ٤: سورة النساء ٣.

(٥) ص ٣٦٩.

(٦) ٢: سورة البقرة ٢٧١.

(٧) ١٧: سورة الإسراء ٥١.