كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

المبحث الخامس موقف جامع العلوم من النحويين السابقين

صفحة 44 - الجزء 1

  فرده جامع العلوم، فقال: وهذا لا يجوز عندنا⁣(⁣١)؛ إذ نرويه

  ... وما كان نفسي بالفراق تطيب

  كذلك ذهب أبو عثمان المازني إلى أن (الرجل) في قولك: يا أيها الرجل يجوز فيه الرفع والنصب، فقال في قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}⁣(⁣٢)، لو قرأ واحد: يا أيها الناس، لجاز لأن (الناس) صفة منادى مفرد، فجاز فيه الرفع والنصب قياسا على قولهم: يا زيد الظريف.

  وقد رده جامع العلوم فقال: «وهذا القياس لا يصح؛ لأنه لو وقف في: يا زيد الظريف، على قولهم: يا زيد، ولم يذكر الظريف، جاز، ولو اقتصر على قولهم: يا أيها، دون الرجل، لم يجز؛ لأنه لا يتم ولا يفيد، فاتضح الفرق بينهما»⁣(⁣٣).

  ومما نقل جامع العلوم من سؤالات المازني أبا الحسن الأخفش، قوله: إن أبا عثمان قال لأبي الحسن: ما قولك في قولهم: مررت بنسوة أربع، هل تصرف (أربعا) أم لا؟. فقال: أصرفه، فقال له: هو صفته، وهو على وزن (أفعل) فقال: إنه وإن كان صفة الآن، فأصله الاسم. فقال أبو عثمان: ف (آدم) وإن كان الآن اسما، فأصله صفة، فلم لم تعتبر الأصل هناك، واعتبرته هنا؟ فسكت.

  ٦ - مع أبي إسحاق، إبراهيم بن السري الزجاج (ت ٣١١ هـ)

  تردد ذكر أبي إسحاق الزجاج في شرح اللمع تسع عشرة مرة، نقل جامع العلوم، خلال ذلك أقواله وآراءه في شتى المسائل النحوية. وكان قد رده في أغلب ما نقل عنه، فمن ذلك قول الزجاج في قولهم: ما صنعت وأباك: إن (أباك) منصوب بفعل مضمر، على تقدير: ما صنعت ولابست أباك. فرده جامع العلوم بقوله" «هذا قول فاسد؛ لأن انتصاب الاسم إذا أمكن حمله على الظاهر، لا يحمل على المضمر»⁣(⁣٤). وإنما هو منصوب بالفعل الواقع قبله بتقوية الواو، وبما فهم منه من معنى المصاحبة، كما ذهب الزجاج إلى أن الضمير المنفصل المنصوب (إيا) اسم ظاهر، وذهب الفراء إلى أن (إياك) بكمالها اسم.

  وقال جامع العلوم: «وقد كفانا الزجاج قول الفراء، حيث قال: لم نر اسما تغير آخره؛ لاختلاف المسمين، ألا ترى أنه لا يقال: (إن (عصاك) بكمالها اسم. فكيف جاز هذا في (إياك).

  والصحيح قول أبي الحسن⁣(⁣٥): إن (إيا) اسم مضمر»⁣(⁣٦).

  وجوز أبو إسحاق أن يكون قوله تعالى: {ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ}⁣(⁣٧) على تقدير: أي شيء يستعجله؟


(١) أي: عنده وعند البصريين.

(٢) ٢: سورة البقرة ٢١.

(٣) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٨٧، ٢٨٨.

(٤) شرح اللمع لجامع العلوم ١٧٨.

(٥) مجمع البيان ١: ٢٥.

(٦) شرح اللمع لجامع العلوم ٢٧٢.

(٧) ١٠: سورة يونس ٥٠.