باب الإعراب والبناء
  [قلت]: وهو كما قال. [فإن قلت]: فقد قال الله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ}(١) و {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا}(٢).
  [قلت]: هذه الحركة لالتقاء الساكنين، فهي في تقدير السكون. ألا ترى أن الواو المحذوفة من (قم) لالتقاء الساكنين، لم تعد، وإن حركت الميم، لما كانت الميم في تقدير السكون. وكذلك الواو في (يكون) لم تعد، لتحرك النون في {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا}.
  [قال أبو الفتح]: والوقف يكون في الاسم، نحو: كم، ومن. [فإن قلت]: لم بني (كم) وهو اسم؟
  [قلت]: لأن (كم) قد تضمن معنى همزة الاستفهام، ألا ترى أنك إذا قلت: كم مالك، فكأنك قلت: أعشرون أم ثلاثون؟
  فلما تضمنت معنى الهمزة، وجب البناء.
  [فإن قلت]: فما بالها في الخبر؟ لم بنيت، ولم تتضمن معنى الهمزة؟
  [قلت]: إنها في الخبر تدل على التكثير، فحملت على (ربّ) التي هي نقيضتها، لأن (رب) للتقليل. وهم يحملون النقيض على النقيض.
  ألا ترى أنه قد جاء: رضي عليه، كما جاء، سخط عليه.
  [قال الشاعر]:
  ٩ - إذا رضيت عليّ بنو قشير ... لعمرو الله، أعجبني رضاها(٣)
  حملا على (سخط علي). [فإن قلت]: فما بال (من) بنيت، وهو اسم؟!. قلت: لأن (من) إذا كانت استفهاما في نحو: من في الدار؟ فهي متضمنة لمعنى الهمزة. كأنك قلت: أزيد في الدار، أم عمرو، أم بكر؟ وإذا كان كذلك، فهي بمنزلة (كم) وإذا كان (من) شرطا [٩ / ب] في نحو: من يأتنا نكرمه. فهي متضمنة لمعنى (إن). وإذا كانت موصولة، فهي بعض الاسم، فلا يستحق الإعراب، نحو: جاءني من في الدار. وإذا كانت موصوفة في نحو: [قول الشاعر]:
  ١٠ - فكفى بنا فضلا على من غيرنا(٤) ... حبّ النبيّ محمّد إيّانا(٥)
(١) ٧٣: سورة المزمل ٢.
(٢) ٩٨: سورة البينة ١.
(٣) البيت من الوافر، للقحيف العقيلي، في: اللسان (رضي) ١٤: ٣٢٣، ٣٣٤، والخزانة ١٠: ١٣٢، ١٣٣.
وبلا نسبة في: الخصائص ٢: ٣١١، والإنصاف ٢: ٦٣٠، وابن عقيل ٢: ٢٥، والأشموني ٣: ١٩٨ (صدره).
(٤) حكى جامع العلوم: الجر فقط في البيت، ويجوز الرفع كذلك، فالجر كما ذهب إليه على اعتبار (من) نكرة، و (غير) صفتها. والرفع على اعتبار (من) اسم موصول، و (غير) صلتها حذف منها صدر الصلة، والتقدير: على من هم غيرنا.
(٥) البيت من الكامل، لكعب بن مالك، في: ديوانه ٢٨٩.
وبلا نسبة في: الكتاب ٢: ١٠٥، والجمل ١/ ٤٩٢، وابن يعيش ٤: ١٢، والمغني ١: ١٠٩، ٣٢٨، ٣٢٩، والخزانة ٦: ١٢٠.