كتاب شرح اللمع في النحو،

ابن جني (المتوفى: 392 هـ)

باب إعراب الاسم الواحد

صفحة 80 - الجزء 1

  ١٨ - ... ... بين ذراعي وجبهة الأسد⁣(⁣١)

  [وقول الشاعر]:

  ١٩ - لمّا رأت (ساتيدما) استعبرت ... لله درّ اليوم من لامها⁣(⁣٢)

  [قلت]: هذه الأشياء، جاءت [١١ / أ] على نية التقديم، والتأخير، فلا ينتقض بها الأصل الذي أصلناه، والقاعدة التي مهدناها.

  [قال أبو الفتح]: وغير المنصرف، وما شابه الفعل من وجهين، وتدخله الضمة، والفتحة، ولا يدخله جر، ولا تنوين، ويكون في موضع الجر مفتوحا.

  [قلت]: قوله: ما شابه الفعل من وجهين: أراد أن الأصل في الكلام: الأسماء، والأفعال فروع عليها. ويتبين ذلك بشيئين: [الأول]: أن الفعل يصدر من الاسم، فلا بد من أن يكون الاسم أصلا، والفعل فرع عليه.

  [الثاني]: أن يكون الكلام يجتمع من اسمين، ولا فعل معهما، كقولنا: الله ربنا، ومحمد نبينا، فثبت أن الاسم، هو الأصل، والفعل هو الفرع. وإذا كان كذلك، فكل اسم اجتمع فيه فرعان، كل واحد منهما فرع على أصل، وجب منع التنوين منه أصلا، والجر تبعا، كما منعا للفعل.

  والفروع التي، إذا اجتمع منها فرعان في اسم، منعا الصرف: تسعة: التعريف، ووزن الفعل، والتأنيث، والوصف، والعدل، والعجمة، والتركيب، والجمع، وزيادة الألف والنون، فإذا قيل:

  مررت بأحمد، لم تنون، ولم تجر، لأن فيه فرعين: التعريف، ووزن الفعل. فالتعريف فرع التنكير، ووزن الفعل فرع وزن الاسم، فامتنع من الصرف لذينك. كما أن الفعل لما كان فرعا منع الجر، والتنوين، ويكون في موضع الجر مفتوحا. والمبرد⁣(⁣٣) يزعم أنه في موضع الجر، مبني. إذ لم يظهر فيه الإعراب. والاسم إذا لم يكن للعامل فيه تأثير كان مبنيا. وغيره يزعم أنه معرب، وإن لم يظهر فيه الجر. أرأيت باب عصا، ورحى، هل يحكم بكونه مبنيا؟ فإذن الفتح قائم مقام الجر، ونائب عنه.


(١) البيت من المنسرح، نسب للفرزدق، وليس في ديوانه، وصدره:

يا من رأى عارضا اسرّ به ...

وهو بهذه النسبة في: الكتاب ١: ١٨٠، والخزانة ٢: ٣١٩.

وبلا نسبة في: الكتاب ١: ١٨٠، والخصائص ٢: ٤٠٧، والمغني ٢: ٦٢١.

العارض: السحاب يعترض في الأفق. ذراعا الأسد، وجبهته (منزلان من منازل القمر ينسب اليهما المطر).

(٢) البيت من السريع، لعمرو بن قميئة البكري، المعروف ب (عمرو الضائع) في: ديوانه ١٨٢، والكتاب ١: ١٧٨، ١٩٤، ومجالس ثعلب ١: ١٢٥، والأغاني ١٨: ١٣٩ - ١٤٤، والإنصاف ٢: ٤٣٢، وابن يعيش ٣: ٢٠، والخزانة ٤: ٤٠٥، ٤٠٦، ٤٠٧، ٤١١، ٤١٩.

ساتيدما: اسم جبل. استعبرت: بكت، والضمير يعود على ابنته.

(٣) هو: أبو العباس محمد بن يزيد الأزدي (ت ٢٨٠ هـ). كبير نحويي البصرة في عصره. أخذ عن: الجرمي، والمازني، وأشهر آثاره: (المقتضب). طبقات النحويين ١٠١، وأخبار النحويين البصريين ٧٢، والبلغة ٢٥٠، وينظر: (المبرد، سيرته ومؤلفاته ١٠ - ١٩).