سياسة المريدين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

مقدمة بقلم الدكتور/ المرتضى بن زيد المحطوري الحسني

صفحة 5 - الجزء 1

  

مقدمة بقلم الدكتور/ المرتضى بن زيد المحطوري الحسني

  المريد وصف يطلق على من ترك ما عليه عادة الناس من الغفلة واتباع الشهوة، والإخلاد إلى ما دعت إليه الأمنية.

  فالإرادة بهذا المعنى نهوض القلب في طلب الحق سبحانه؛ ولهذا يقال: إنها لوعة تُهَوِّنُ كل روعة. ولا يبعد أخْذُ هذا المصطلح من قوله تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}⁣[الأنعام: ٥٢]؛ فالمريد لله تعالى لا يفتر آناء الليل والنهار؛ فهو في الظاهر بنعت المجاهدات، وفي الباطن بوصف المكابدات؛ فارق الفراش، ولازم الانكماش، وتحمل المصاعب، وركب المتاعب، وعالج الأخلاق، ومارس المشاق، وعانق الأهوال، وفارق الأشكال. وبهذا ظهر أنَّ الكتابة في هذا المجال إنما تصلح من أمثال الإمام الكبير المؤيد بالله، وهل علَّمَ الناس مكارم الأخلاق إلا أهل بيت النبوة، أئمة الهدى ومصابيح الدجى وقادة أهل التقى.

  إنه من البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، ولله در الفرزدق حين قال في مدح الإمام زين العابدين:

  مِن مَعشَرٍ حُبُّهُم دينٌ وَبُغضُهُم ... كُفرٌ وَقُربُهُمُ مُنجىً وَمُعتَصَمُ