سياسة المريدين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[مقدمة المؤلف]

صفحة 24 - الجزء 1

  وبلغنا أن الله تعالى أوحى إلى نبيه داود # أن أنذر الصديقين، وبشر المذنبين، فقال: يا رب، كيف أبشر المذنبين، وأنذر الصديقين؟ قال: بشر المذنبين بأني أقبل التوبة منهم، وأنذر الصديقين لئلا يغتروا بأعمالهم⁣(⁣١)، (أو ما يرجع إلى هذا المعنى من اللفظ ويقرب منه)⁣(⁣٢).

  وصلى الله على نبي الرحمة، المبعوث إلى كآفة الأمة بالرأفة والرحمة والحكمة في تمام النعمة، محمد ÷.

  وبعد: فإني لما رأيتُ مجالسَ العلوم في زماننا هذا بِجَليِّ العلوم وغامضها معمورة⁣(⁣٣)، وحظوظ أهلها منها موفورة، إلاَّ علوم المعاملة - فإنها أصبحت منبوذة مهجورة، لا يرتفع لها، ولا يلتفت إليها، ولا يُتعب في طلبها، بل يُتَعَجَّبُ مِمَّن شغل همه بها، وأتعب فكره لها، بل ربما نُسِبَ⁣(⁣٤) إلى استيلاء السوداء عليه، وتغيير المزاج، مع أنه الغرض المطلوب، والأمر المقصود لمن أراد الآخرة وسعى لها سعيها - رأيت أن


(١) في الحلية ٨/ ٢١١ رقم ١١٩٠٦ قال: أوحى الله إلى داود: «بشر المذنبين وأنذر الصديقين» فكأنه عجب، فقال: «رب أبشر المذنبين وأنذر الصديقين؟» قال: «نعم، بشر المذنبين أن لا يتعاظمني ذنب أغفره لهم، وأنذر الصديقين ألا يعجبوا بأعمالهم فإني لأضع عدلي وإحساني على عبد إلا هلك». والكافي ٢/ ٣١٤، لفظه قال: كيف أبشر المذنبين وأنذر الصديقين؟. قال: «بشر المذنبين أني أقبل التوبة وأعفو عن الذنب، وأنذر الصديقين ألا يعجبوا بأعمالهم فإنه ليس من عبد أنصفته الحساب إلا هلك».

(٢) ما بين القوسين ساقط في (ص).

(٣) في (هـ) (تجلى الغموم، دعائمها معمورة).

(٤) في (ص) ينسب.