[ضرورة ذكر الموت وما بعد الموت]
  (لذلك)(١) بصوت شجي في الخلوات وفي ظلام الليل؛ فإن العلم بهذه الأحوال علم الضرورة، والإنسان يكون قد شاهدها كثيرًا، وما يُعلم ضرورةً ويكون مُشَاهَدًا؛ يكون تأثيره في النفس والقلب أقوى، فليهتم بهذا الباب اهتمامًا صادقًا.
  وبلغنا أن نوحًا # سُمي نوحًا؛ لأنه كان ينوح على نفسه(٢)، فإذا تميز(٣) تأثير ما قلناه في القلب والنفس وأجرى دموعه - فكر حينئذ في أحوال البعث والنشور، والجنة والنار التي طُرُق العلم بها اكتساب، فإنه ينتفع بذلك انتفاعًا(٤) بيِّنًا.
  وروي عن زيد بن علي(٥) عن آبائه عن علي $ قال: قال رسول
(١) ساقطة من (ص).
(٢) الطبرسي ٧/ ١٨٥ عن ابن عباس. وحلية الأولياء ٣/ ٦٠.
(٣) في (هـ): فإذا ظهر.
(٤) في (ص): نفعًا.
(٥) هو أبو الحسين إمام الأئمة، حليف القرآن، والده السجاد زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب $، ولد بالمدينة سنة ٧٥ هـ على الأصح، ونشأ بها. ورضع العلم من بيت النبوة على يد والده وأخيه الباقر، كان من عظماء أهل البيت علمًا وزهدًا، وشجاعة ودينًا وكرمًا، وكان قد شاب عصره من الأفكار الدخيلة على الدين فقام بثورته الفكرية ضد القدرية والمجسمة والمشبهة وغيرهم، فألف الرد على القدرية والجبرية، والرد على المرجئة، والصفوة، وإثبات الوصية، وإثبات الإمامة، وغيرها. وبعد ذلك بدأ في ترسيخ أهم مبادئه العظيمة «مبدأ الخروج على الظلمة» ودفع من أجله حياته، وكان قد حاول الأمويون إلغاء هذا المبدأ وأسسوا مبدأ طاعة ملوك الجور حتى وإن جلد ظهرك، وأخذ مالك، وهتك عرضك، وأجروا ذلك على لسان رسول الله ÷، فقد رووا عنه أنه قال: «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب =