سياسة المريدين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[ضرورة قراءة القرآن وكيفيته]

صفحة 34 - الجزء 1

[ضرورة قراءة القرآن وكيفيته]

  فَأدِم رحمك الله الفكر في هذه الأحوال والتصور لها، واستعن على ذلك بقرآءة القرآن بصوت شجي أو استماع من يقرؤه، متوقفًا على آيات الوعد والوعيد، ومتدبرًا لها كما قال # في صفة المتقين: فإذا مروا بآية فيها شوق رَكَنُوا إليها طمعًا، وتطلَّعت أنفسهم إليها شوقًا، وجعلوها نصب أعينهم، وإذا مرُّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم وأبصارهم، فاقشعرَّت لها⁣(⁣١) جلودهم، ووجلت منها قلوبهم، وظنوا أن صهيل جهنم وزفيرها وشهيقها في آذانهم⁣(⁣٢).


= داعيا، ولا يسعد باكيا، (وكفنوه وحنطوه، ثم حملوه وانتهوا به إلى محطٍ) من الأرض (فدلوه فيه، وخلوه في قبره، فخلت به أمور معضلات، ومسألة من منكر ونكير، مع ظلمة وضيق ووحشة من القبور؛ فذلك مثواه حتى يبلى جسده ويصير تراباً)، حتى إذا بلغ الأمر إلى مقداره، ولَحِقَ آخر الخلق بأوله جاء أمر من الله أراد به تجديد خلقه، فأمر بصوت من سماواته أمارها وفطرها وفَتَّتَها وشقَّقَها؛ فأفزع من فيها وبقي ملائكته على أرجائها، ثم وصل الأمر إلى الأرض، والخلق تراب لا يشعرون فأرجَّ أرضهم وأرجفها، وقلع جبالها من أصولها ونسفها وفتتها وسيرها ودكَّ بعضها بعضا هيبة لجلاله، ثم لما كانت كالعهن المنفوش فجعلها وأرضها دكة واحدة، وأخرج من فيها فجددهم بعد بلائهم، وجمعهم بعد تفريقهم يريد أن يحصيَهُم ويميزهم، ثم يفرقهم فريقًا في الجنة وفريقًا في السعير، ففاز أهل الطاعة بجواره، وبخلود في داره، وعيش رغد، ومجاورة رب كريم، ومرافقة محمد ÷، وأما أهل المعصية فخلدهم في النار، وأوثق منهم الأغلال، وغل منهم الأيدي إلى الأعناق، وألبسوا سرابيل القطران في عذاب قد اشتد حره، وباب قد أطبق على أهله، العذاب أبدا جديد، والعقاب يزيد).

(١) في (هـ، و ك) منها.

(٢) في (هـ): في أصول آذانهم، في (ص): أصل في آذانهم، ينظر النهج ٤٧٣ رقم ١٩١