سياسة المريدين،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[ضرورة ذكر الموت وما بعد الموت]

صفحة 33 - الجزء 1

  وقال أمير المؤمنين # في خطبته المعروفة بالزهراء في صفة المحتضر بعد كلام طويل: فغيرُ موصوف⁣(⁣١) ما نزل بهم⁣(⁣٢) من حسرات أنفسهم، اجتمعت عليهم خصلتان: حسرة الفوت⁣(⁣٣) وحسرة سكرة الموت؛ فاغبَرَّت وتغيرت لها ألوانهم، وتَرَدَّدَ⁣(⁣٤) طَرْفُهُم، وتحرَّكت لمخرج⁣(⁣٥) أرواحهم أيديهم وأرجلُهم؛ فعرقت لذلك جباههم. ثم ازداد الموت فيهم ... إلى قوله: والعقاب أبدًا يزيد⁣(⁣٦).


(١) في (هـ): فغير أمر موصوف.

(٢) في (ش): ما نزل بقلوبهم.

(٣) في (ص): حسرة القلوب، وفي (هـ، ش) الغلب ولعله القلب تصحف.

(٤) في (ك): وتبدد.

(٥) في (ك): وحرك المخرج أرواحهم، وفي (هـ): وحركوا.

(٦) في (هـ، ك): زيادة لعلها من النساخ لذلك أثبتها في الهامش لمخالفتها رواية النهج وهي: (فحيل بين أحدهم وبين منطقه، وإنه لبين ظهراني أهله ينظر ببصره، ويسمع بسمعه، وإنه لعلى صحة من عقله، وقد مُنِعَ كلامه، فَفَكَّرَ بِعَقْلٍ بَيِّنٍ فِيمَا أفنى عمره، وفيما ذهبت أيامه، يذكر أموالاً جمعها أغمض في مطالبها، أخذها من غير حقها ومشتبهاتها، لَزِمَهُ وبَاُلها، فقد أشرف على فراقها، (فيبقى مَنْ بعده يتخوف منها) والمرء قد غَلِقَت رهونه بها، وعض يديه على ندمه، ويصح عند الموت عقله، وزهد فيما كان يرغب فيه في حياته؛ فتمنى أن الذي كان يغبطه بها ويحسده عليها قد حازها دونه. فما زال الموت يزيد ويبالغ في جسده حتى خالط الموت سمعه فصار بين أهله لا ينطق بلسانه ولا يسمع كلامهم، فما زال الموت يزيده حتى خالط عقله فصار لا يعقل ولا يسمع ولا ينطق، ثم ازداد الموت حتى خالط بصره فذهبت معرفته من الدنيا، وتُهتَكُ عند ذلك حجته من غيب هول كان مغطىً عنه فجدد لذلك بصره، ثم ازداد حتى بلغت النفس الحلقوم، ثم ازداد به الأمر حتى خرج روحه من جسده فصار جيفة بين أهله، قد أوحشوا من جانبه، (وأخذوا في غسله، فنزعوا عنه ثياب أهل الدنيا حتى نزعوا عنه خاتمه، ووضئوه لغير صلاة، وغسلوه، وقلبوه حيث) لا يجيب =